ثبوت الحكم في غير محل الخطاب يفتقر إلى دليل- لأنا نقول: الأصل في التشريعات العموم، إلا ما قام الدليل القاطع على التخصيص بالتنصيص، وليس منه شيء هنا. وقد عهد في التنزيل تخصيص مراد به التعميم إجماعا. كآية ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ [سورة الأحزاب: ١]، وأمثالها (١).
والجواب: وإن كان تخصيص الحكم للنبي ﷺ يحتاج إلى دليل، إلا أن جماعة من السلف نصوا على أن الخطاب خاص بالنبي ﷺ كالضحاك ومجاهد، وإبراهيم النخعي (٢)، وبعدهم جماعة من المفسرين نصوا على ذلك (٣)، ولا شك بأن فهمهم مقدم على فهم غيرهم، إن كان ينفي هذا التخصيص.
ولعل تخصيص النهي بالنبي خاصة أن الله تعالى أدبه بأشرف الآداب وأجل الأخلاق (٤).
تنبيه:
اختلف أهل العلم قديمًا في سبب نزول الآية، فروي عن السدي أنه قال: نزلت في ثقيف كانوا يعطون الربا" (٥). وهذا يؤيد قول من قال بأن المراد من الربا في الآية: الربا المُحرَّم في المعاملات.
وروي عن جماعة من السلف، كابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد أن الآية نزلت في
(١) محاسن التأويل: القاسمي (١١/ ٤٢٩٨). (٢) انظر: جامع البيان: الطبري (١٨/ ٥٠٥)، وانظر: التفسير البسيط: الواحدي (٢٢/ ٤٠٨)، وانظر: تفسير القرآن: السمعاني (٦/ ٩٠)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٨/ ٢٨٥). (٣) انظر: تفسير القرآن العزيز: ابن أبي زمنين (٥/ ٥٥)، وانظر: الهداية: مكي بن أبي طالب (٩/ ٥٦٩٣)، وانظر: لباب التأويل: الخازن (٣/ ٣٩٢)، وانظر: فتح البيان: القنوجي (١٠/ ٢٥٤). (٤) انظر: البسيط: الواحدي (٢٢/ ٤٠٩). (٥) انظر: الكشاف: الزمخشري (٣/ ٤٨١)، وانظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٧/ ٦٣٦)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٦/ ٤٣٧)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (١٧/ ١٨٨) جميعهم عن السدي، وانظر: الكشف والبيان: الثعلبي (٢١/ ١٦٣).