للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كان السكوت من العلماء؟ بل كيف إذا كان من أحد الأنبياء؟ (١).

ثانيا: طبيعة البلاء الذي أصابه، وقد جاءت روايات في ذلك:

منها: أن الدود كان يتناول بدنه فصبر، حتى تناولت دودة قلبه، وأخرى لسانه، فقال: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ (٢).

ومنها ما روي عن الحسن أنه قال: ما كان بقي من أيوب إلا عيناه، وقلبه ولسانه، فكانت الدواب تختلف في جسده، قال: ومكث في الكناسة سبع سنين وأياما، أو قال وأشهرا (٣).

وهذا مما يتنافى مع عصمة الأنبياء وسلامتهم من الأمراض المنفرة التي لا تليق بمنصب النبوة، كما نص على ذلك العلماء (٤)؟! فكيف يدعى أن أيوب بسبب هذا المرض اخرج إلى خارج البلدة وألقي على مزبلة؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.

ثالثًا: في كيفية شفائه من مرضه الوارد في قوله تعالى: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ [سورة ص: ٤٣]، وقد جاء في ذلك روايات:

منها: ما جاء عن وهب بن منبه قال: إن إبليس لقيها - يعني امرأة أيوب-، في صورة طبيب فدعته لمداواة أيوب، فقال أداويه على أنه إذا برئ قال أنت شفيتني لا أريد جزاء سواه قالت نعم، فأشارت على أيوب بذلك فحلف ليضربنها (٥).

وهذه الرواية ونحوها من الروايات ليس عليها دليل، بل إن القرآن يردها، فالله تعالى يقول عن الشيطان: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [سورة النحل: ١٠٠]. وقال


(١) انظر: نظرات في أحسن القصص: محمد السيد الوكيل (١/ ٢٨٨).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٤/ ٢٥٨)، وانظر: فتح البيان: القنوجي (٨/ ٣٥٩).
(٣) انظر: الزهد: الإمام أحمد (ص: ٣٧).
(٤) انظر: مثلا ما قاله صاحب كتاب أسنى المطالب في أحاديث مختلف المراتب (ص: ٣٤٨).
(٥) انظر: النكت والعيون الماوردي (٥/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>