ما رواه ابن أبي حاتم بسنده عن انس بن مالك ﵁: أن رسول الله ﷺ قال: "إن نبي الله أيوب كان في بلائه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلان من إخوانه، كانا من أخص إخوانه، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال احدهما لصاحبه: تعلم والله، لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين. فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله، فيكشف ما به" الحديث (١).
الصنف الثاني: الروايات الضعيفة التي وردت في بلاء أيوب ﵇:
ويُمكن اختصارها وتقسيمها بالآتي:
أولا: ما ورد في ذكر سبب ما أصاب نبي الله أيوب ﵇ من بلاء، ومن ذلك:
ما أخرجه ابن عساكر عن الليث بن سعد (٢) قال: " كان السبب الذي ابتلي فيه أيوب انه دخل أهل قريته على ملكهم، -وهو جبار من الجبابرة -، وذكر بعض ما كان من ظلمه الناس، فكلموه فأبلغوا في كلامه، ورفق أيوب في كلامه له؛ مخافة منه لزرعه، فقال الله: "اتقيت عبدا من عبادي من أجل زرعك"؟ فأنزل الله به ما أنزل من البلاء"(٣).
ولا شك ببطلان هذه الرواية، إذ كيف ينسب إلى نبي الله ايوب انه سكت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسكوت على ذلك غير مقبول من القادرين عليه، فكيف إذا
(١) أخرجه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي (٢/ ٦٣٥)، وقال الهيثمي في مجمعه: رواه أبو يعلى والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح (٨/ ٢٠٢)، وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة، وصححه (١/ ٥٤). وفي مقابل ذلك: نفى أبو بكر ابن العربي صحة الأحاديث الواردة في شأن أيوب ﵇ على وجه العموم، كما نقل عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢١٥)، وكذا ابن كثير في تفسيره (٥/ ٣٥١)، وانظر: الإسرائيليات: أبو شهبة (ص: ٢٧٩). (٢) وهو: أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن إمام أهل مصر في الفقه والحديث، وكان ثقة سريا سخيا، قال عنه الشافعي: الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به، مات سنة ١٧٥ هـ. ينظر: وفيا الأعيان: ابن خلكان (٤/ ١٢٧). (٣) انظر: الدر المنثور: السيوطي (٥/ ٦٥٣).