للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النفع، فلا جرم سلم الغنم إلى المجني عليه كما قال أبو حنيفة في العبد إذا جنى على النفس يدفعه المولى بذلك أو يفديه.

وأما سليمان فأداه اجتهاده إلى أنه يجب مقابلة الأصول بالأصول والزوائد بالزوائد وأما مقابلته بالزوائد فغير جائز، لأنه يقتضي الحيف، ولعل منافع الغنم في تلك السنة كانت موازنة فحكم به، كما قال الشافعي: فيمن غصب عبداً فأبق من يده أنه يضمن القيمة فينتفع بها المغصوب منه بإيزاء ما فوته الغاصب من منافع العبد فإذا ظهر ترادّا (١).

الرابع: أن القول بالنسخ دعوى تحتاج إلى دليل، ولو كان فيه نص ناسخ لحكم لما خفي على نبي تلك الشريعة، إذ إن صاحب الشريعة هو الأصل في نزول الوحي، فلا ينزل الوحي على نبي دون آخر (٢).

فائدة:

جاءت قرائن من السنة النبوية تدل على جواز الاجتهاد للأنبياء، كما دلت عليه الآية، ومن ذلك:

ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة : أن رسول الله قال: "كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك. فقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك. فتحاكمتا إلى داود ، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود ، فأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها؛ فقضى به للصغرى. قال أبو هريرة: والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا المدية" (٣).


(١) انظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (١٣/ ٦٥٥).
(٢) انظر: نهاية الوصول في دراية الأصول: الأرموي (٨/ ٣٨٦١).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى ﴿ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب﴾، برقم: (٣٤٢٧)، وأخرجه مسلم، كتاب الأقضية، باب بيان اختلاف المجتهدين، برقم: (١٧٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>