للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المؤمن، أما إذا كانت صادرة عن الكافر فلا فائدة فيها البتة (١).

الثالث: مما يؤيد أنها نزلت للمفاضلة بين مؤمنين بالله وغير مؤمنين: قوله تعالى في الآية: ﴿كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾، فلو كان الفريقان مسلمين لما قال ذلك؛ لأن كليهما قد آمن، فذكر الإيمان في مقابل الشرك (٢).

الرابع: أن الله تعالى ختم الآية بقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، مما يدل على أن الآية نزلت في المشركين، إذ لا شك أن المشركين بالله هم الظالمون، ظلموا أنفسهم بترك الإيمان بالله، وبما جاء به الرسول، وظلموا المسجد الحرام إذ جعله الله متعبدا له فجعلوه متعبدا لأوثانهم. وذكر في المؤمنين إثبات الهداية لهم بقوله: ﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ وفي المشركين هنا نفى الهداية بقوله: والله لا يهدي القوم الظالمين (٣).

مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني:

ذهب أصحاب القول الثاني، والذي عليه أكثر المفسرين (٤)، أن الآية نزلت في المسلمين، واستدلوا على ذلك بأوجه تؤيد ما ذهبوا إليه، ويحسن في هذا المقام إيرادها والإجابة عليها بما يفتح الله تعالى:

أولا: استدلوا بالرواية الواردة في سبب نزول الآية التي تدل على أنها نزلت بسبب مفاضلة جرت بين المسلمين.

فقد أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن النعمان بن بشير الأنصاري ، قال: "كنت عند منبر رسول الله في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام، إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر:


(١) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (١٦/ ١٢)، وانظر: فتح البيان: القنوجي (٥/ ٢٥٦)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (١٠/ ٢٦١).
(٢) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (١٦/ ١٢)، وانظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (١٠/ ٥٠).
(٣) انظر: البحر المحيط: أبو حيان (١١/ ٢٢٣).
(٤) نص على هذا السمعاني في تفسيره (٢/ ٢٩٤)، ونسبه الإيجي في تفسيره إلى أكثر السلف (٢/ ٥٣)، بينما الشنقيطي ينص على أن أكثر المفسرين أن الآية نزلت في المشركين. ينظر: العذب النمير: الشنقيطي (٥/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>