فقد أخرج ابن جرير الطبري بسنده عن ابن أبي بزَّة (١)، وابن جريج (٢)، أن المراد: من المدينة إلى بدر (٣).
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن السدي في قوله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ قال: خروج النبي ﷺ إلى بدر (٤).
الثاني: من حيث سبب النزول: ولا شك أن معرفة السبب تورث العلم بالمسبب، وقد دلت الأسباب الواردة في نزول الآية على أن المراد من الإخراج في الآية هو: خروج النبي ﷺ من المدينة إلى بدر.
فقد أخرج الطبراني في معجمه بسنده عن أبي أيوب الأنصاري (٥) يقول: قال رسول الله ﷺ ونحن بالمدينة: «إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة، فهل لكم أن نخرج قبل هذا العير؟ لعل الله يُغْنِمُناها»، فقلنا: نعم، فخرج وخرجنا، فلما سرنا يوما أو يومين، قال لنا:«ما ترون في القوم، فإنهم قد أخبروا بمخرجكم؟»، فقلنا: لا والله مالنا طاقة بقتال العدو، ولكن أردنا العير، ثم قال:«ما ترون في قتال القوم؟» فقلنا مثل ذلك، فقال المقداد بن عمرو: إذن لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [سورة المائدة: ٢٤]، قال: فتمنينا معشر الأنصار لو أنا
(١) وهو: القاسم بن أبي بَزَّة، أبو عاصم المكي، واسم أبي بَزَّة يسار، ويقال: نافع القارئ، مولى عبد الله بن السائب بن صَيْفِي المخزومي، روى له الجماعة، ووثقه يحيى بن معين وابن سعد، مات سنة ١٢٤ هـ بمكة. ينظر: الكمال: المقدسي (٨/ ١٧٣). (٢) وهو: أبو خالد وأبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، القرشي بالولاء المكي، مولى أمية بن خالد، كان أحد العلماء المشهورين، ويقال إنه أول من صنف الكتب في الإسلام، مات سنة ١٤٩ هـ. ينظر: وفيات الأعيان: ابن خلكان (٣/ ١٦٣). (٣) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (١١/ ٣٦). (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٦٥٩) برقم: (٨٨٠٣). (٥) وهو: خالد بن زيد بن كليب الأنصاري الخزرجي، شهد العقبة، وبدرا، وأحدا والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله ﷺ، وكان مع علي بن أبي طالب، ﵁، ومن خاصته، مات سنة ٥١ هـ، في القسطنطينية. ينظر: أسد الغابة: ابن الأثير (٥/ ٢٥).