للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلى التسليم بأن المراد من الادراك: الرؤية وهو ما ذهب إليه بعض السلف (١)، فإن هذا لا ينفي رؤية الله تعالى يوم القيامة، وإنما نفي رؤية الله تعالى إنما هو في الدنيا، وذلك من أوجه:

الوجه الأول: أن الآية عامة في نفي الرؤية، وهذا العموم مخصوص بأدلة الكتاب والسنة والإجماع التي تُثبت رؤية الله تعالى يوم القيامة:

فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [سورة القيامة: ٢٢، ٢٣].

قال عطية العوفي: هم ينظرون إلى الله، لا تحيط أبصارهم به من عظمته، وبصره محيط بهم. فذلك قوله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ (٢).

وقوله تعالى عن الكافرين: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ [سورة المطففين: ١٥].

قال الإمام الشافعي: فدل هذا على أن المؤمنين لا يحجبون عنه (٣).

ومن السنة: ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله : "هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ "، قالوا: لا يا رسول الله، قال: "هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟ "، قالوا: لا، قال: "فإنكم ترونه كذلك" (٤).

وأما الاجماع: فقد نقله غير واحد من أهل العلم (٥).


(١) انظر: جامع البيان: الطبري (٤٥٩، ٤٦٠)، وانظر: بحر العلوم: السمرقندي (١/ ٤٧٢)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٨/ ٤٨٢).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٩/ ٤٥٩).
(٣) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (٣/ ٥٨٤).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى ﴿وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة﴾ برقم: (٧٤٣٧)، وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، برقم: (١٨٢).
(٥) انظر: الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية: د. عبد الله خضر (٢/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>