للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا الذي ذهب إليه جمع من المفسرين قد عقَّب عليه ابن العربي بقوله: "هذه غباوة ظاهرة. ليس هذا بخبر بل هو صريح أمر لأن الله تعالى قال لرسوله ، ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [سورة الأنعام: ٦٨] فإن نسيت فتذكرت فقم ساعة تذكارك عنهم ولا تقعد بعد ذلك معهم. وهذا منسوخ بأمره بالقتل والقتال بلا إشكال، والآية التي في النساء مثلها، فإنه نهاهم الله أن يجالسهم إذا سمعهم يكفرون. وهذه أيضا منسوخة بالأمر بالقتال إذ كان مأمورا أن يقوم عنهم إذا سمعهم يستهزئون بآيات الله ويكفرون وصار بعد ذلك مأمورا بأن يقاتلهم ويقيم الحد بالقتل في ذلك عليهم وهذا نسخ بين" (١).

والجواب: أن قوله غير مُسَلَّم، وذلك أن قوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ الآية، صريح بأنه لا إثم على المتقي إذا قعد معهم، ونهى وذكر، وإنما النهي إذا رضي بقولهم وفعلهم، ولم يقم، وكما تقدم أن الجمع بين النصوص مقدم على النسخ.

وقول ابن العربي: "أن الآيات منسوخة بالأمر بالقتال" يدل على تساهله في القول بالنسخ، فإن الأمر بالقتال منوط بالمصلحة في هذه الحالة، فإن اقتضت المصلحة قتالهم جاز ذلك، وإلا فلا، والله أعلم.

فإن قيل: أن القائلين بالنسخ هم جماعة من السلف وهم أعلم بكتاب الله من غيرهم:

فالجواب من وجهين:

الأول: أن ما روي عن ابن عباس جاء من طريق جويبر عن الضحاك عن وهذا الطريق ضعيف، لضعف جويبر، والضحاك لم يسمع من ابن عباس شيئًا، كما قال الحافظ ابن حجر (٢).


(١) انظر: الناسخ والمنسوخ: ابن العربي (٢/ ٢١١، ٢١٢).
(٢) انظر: العجاب: ابن حجر (١/ ٢١١)، وانظر: الإتقان: السيوطي (٤/ ٢٣٧)، وانظر: الزيادة والإحسان: ابن عقيلة المكي (١/ ٦١)، وانظر: النسخ في القرآن: مصطفى زيد (١/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>