للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والجواب عما ذكره أبو البقاء: أن يقال بأنه يجوز ذلك، من أن (فرّط) يتعدى بنفسه، وذلك لأن اللغة مرجعها إلى السماع وليس الاجتهاد، وتدل على ذلك بعض الشواهد الشعرية، ومن ذلك قول صخر الغَيّ (١):

ذلك بَزّي فلن أُفَرِّطَه … أخاف أن يُنجزوا الذي وَعدوا (٢)

قال ابن سيده (٣): يقول. لا أضيعه، وقوله: بزي، أراد سلاحي.

وقال أبو عمرو (٤): فرطتك في كذا وكذا، أي تركتك. وبه فسر أيضا قول صخر (٥).

فالشاهد من الشعر هو في قوله: (أُفَرِّطَه) ووجه ذلك: أنه تعدى إلى المفعول به وهو في هاء الضمير، بدون واسطة حرف الجر، ولم يقل: فلن أفرط فيه.

وقول ساعدة ابن جُؤَيّة الهذلي (٦) يصف مُشْتار العسل:

مَعَه سِقاءٌ لا يُفَرِّطُ حَملَه … صُفنٌ وأخراصٌ يَلْحُنَ ومِسْأَبُ (٧)

معه سقاء لا يفرط حمله، أي: لا يتركه، والصفن وعاء فيه أداته، والأخراص أعواد يخرج بها العسل وهي المشاور، ومسأب سقاء ضخم (٨).


(١) وهو: صخر بن عمر بن الحارث بن الشريد الرياحي السلمي، من بني سليم ابن منصور، من قيس عيلان: أخو الخنساء الشاعرة. كان من فرسان بني سليم وغزاتهم. جرح في غزوة له على بني أسد بن خزيمة، ومرض قريبا من الحول. ينظر: الأغاني: الأصفهاني (٢٢/ ٣٤٥، ٣٤٦)، وينظر: الأعلام: الزركلي (٣/ ٢٠١).
(٢) انظر: ديوان الهذليين: الشعراء الهذليون (٢/ ٦١).
(٣) وهو: الحافظ أبو الحسن علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده المرسي؛ كان إماما في اللغة والعربية حافظا لهما وقد جمع في ذلك جموعا، ككتاب: المحكم، والمخصص، وغير ذلك، مات سنة ٤٥٨ هـ. ينظر: وفيات الأعيان: ابن خلكان (٣/ ٣٣٠).
(٤) وهو: إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني الكوفي، كان نبيلا فاضلا، وكان راوية أهل بغداد واسع العلم باللغة والشعر ثقة في الحديث، كثير السماع وله كتب كثيرة في اللغة، مات سنة ٢١٣ هـ. ينظر: الوافي بالوفيات: الصفدي (٨/ ٢٧٥).
(٥) انظر: تاج العروس: الزبيدي (١٩/ ٥٣٢، ٥٣٣).
(٦) وهو: ساعدة بن جوين، ويقال: ابن جوية بن كاهل بن الحارث بن سعد الهذلي، شاعر جاهلي مخضرم من بني كعب، محسن وشعره محشو بالغريب والمعاني الغامضة، أسلم، وليست له صحبة، ينظر: الإصابة: ابن حجر (٣/ ٢٠٣) وينظر: الأعلام: الزركلي (٣/ ٧٠)
(٧) انظر: ديوان الهذليين: الشعراء الهذليون (١/ ١٨٠).
(٨) انظر: المعاني الكبير في أبيات المعاني: الدينوري (٢/ ٢٦٦)، وانظر: الصحاح: الجوهري (٣/ ١٠٣٦)، وانظر: تاج العروس: الزبيدي (١٩/ ٥٣٣)، وانظر: محاسن التأويل: القاسمي (٦/ ٢٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>