للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قاتلت لأن يقال هو جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار" (١) الحديث.

فهذا الحديث فيه دلالة مُحكمة صريحة لا تقبل تأويلاً ولا تفسيراً يصرفها عن ظاهرها بوقوع الكذب يوم القامة من الكفار أو العصاة.

رابعًا: الآثار المروية عن السلف في تفسير الآية الدالة على أن الكذب الصادر من المشركين إنما هو يوم القيامة، وليس في الدنيا، وهم أقرب الناس إلى التنزيل وأعلمهم به.

فروي عن ابن عباس: حبر الأمة وترجمان القرآن أنه قال في قوله: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾، "لما رأى المشركون أنه لا يدخل الجنة إلا مسلم، قالوا: تعالوا إذا سئلنا قلنا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾. فسئلوا، فقالوا ذلك، فختم الله على أفواههم، وشهدت عليهم جوارحهم بأعمالهم، فودَّ الذين كفروا حين رأوا ذلك: ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [سورة النساء: ٤٢] (٢).

وعن مجاهد: في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾، قال "هذا قول أهل الشرك حين رأوا كل أحد يخرج من النار غير أهل الشرك، ورأوا الذنوب تغفر ولا يغفر الشرك ولا لمشرك، فقالوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾. يقول الله ﷿: ﴿انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ يعني تكذيب الله إياهم (٣).

وعن سعيد بن جبير: في قوله: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾، قال: لما أمر بإخراج رجال من النار من أهل التوحيد، قال من فيها من المشركين: "تعالوا نقول: لا إله إلا الله، لعلنا نخرج مع هؤلاء". قال: فلم يصدَّقوا. قال: فحلفوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾.


(١) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، برقم: (١٩٠٥).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٩/ ١٩٥)، وأخرج بنحوه ابن المنذر في تفسيره (٢/ ٧١٤).
(٣) أخرجه مجاهد في تفسيره (ص: ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>