للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأما التَتَبُع: فهو من التبع: "وهو التَلو والقَفو. يقال تبعت فلانا إذا تلوته" ويقال: "فلان يتتبع مساوي فلان وأثره ويتتبع مداق الأمور ونحو ذلك" (١).

ويُعرَّف عند المنطقيين بأنه: "قول مؤلَّف من قضايا تشتمل على الحكم على الجزئيات لإثبات الحكم الكلّي" (٢).

فمعنى التتبع في اللغة يُرادف معنى التعقب إلا أن بينهما عموم وخصوص، فالتتبع أعم من التعقب، فقد يتتبع عالمٌ عالمًا بألفاظ غير صريحة بتخطأته وانتقاده ظاهرها لا يدل على التعقب

ومن ذلك: ما أورده الدارقطني في كتابه: (الإلزامات والتَتَبُع) من رواية الإمام البخاري أنه قال: حدثنا إسحاق، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، أخبرنا ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» (٣).

قال الدارقطني (٤): "وهذا يقال إن أبا عاصم وهم فيه. والصواب ما رواه الزهري ومحمد بن إبراهيم ويحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو وغيرهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي : "ما أذن الله لشيء أذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به". وقول أبي عاصم وهم وقد رواه عقيل ويونس وعمرو بن الحارث وعمرو بن دينار وعمرو ابن عطية وإسحاق بن راشد ومعمر وغيرهم عن الزهري بخلاف ما رواه أبو عاصم عن ابن جريج باللفظ ذكره.

وإنما روى ابن جريج هذا اللفظ الذي ذكره أبو عاصم عنه بإسناد آخر رواه عن ابن


(١) لسان العرب: ابن منظور (٨/ ٢٨).
(٢) كشاف اصطلاح الفنون: التهاوني (١/ ١٧٢).
(٣) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وأسروا قولكم أو اجهروا به﴾، برقم: (٧٥٢٧).
(٤) وهو: الإمام، الحافظ، المجود، شيخ الإسلام، علم الجهابذة، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود البغدادي الدارقطني، المقرئ، وكان من بحور العلم، ومن أئمة الدنيا، مات سنة ٣٨٥ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٦/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>