ثم يأتي من بعد ذلك من يرد على هذا الكلام وأنه يُخالف العلم الحديث، ولا يتفق مع وصف القرآن لهذه السموات بأنها (طباقا) و (شدادا)، ذلك أن الكواكب ليست مصطفة أفقيًا كما يُفهم من الوصف (طباقا) بسبب تباين فترات دورانها، وليست ثابتة كما يُفهم من وصفها بأنها شداد، فهي معرّضة للتأثر بأجرام سماوية أخرى أكثر ثباتًا منها ..... إلخ (١).
خامسًا: مما يلاحظ على القاسمي ﵀، أنه خالف جمهور أهل العلم في مسألة مهمة وهي: إتيان المرأة في دبرها، فعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ﴾ [سورة البقرة: ٢٢٣] أورد فيها روايات وآثارًا تبيح ذلك وتجيزه، بل وينتقد الإمام ابن القيم ويقول عنه إنه أوَّل في هذه المسألة، وأن الأحاديث التي استدل بها على التحريم ضعيفة، لا تقوى للاحتجاج بها، ويمكن أن يكون هناك حديث صحيح في هذا الباب (٢)، فإيراده لهذه الآثار دون تعقب عليها يدل على أنه إن لم يرى بجواز هذا الفعل، فإنه يعتد بالخلاف فيه، والحق الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة خلاف ما ذهب إليه القاسمي ﵀ وغفر له.
سادسًا: يفهم من كلام القاسمي ﵀ أنه ينكر أن القمر انشق في عهد رسول الله ﷺ في تفسير قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾ [سورة القمر: ١]، يخطئ الحافظ ابن كثير في قوله بتواتر حديث انشقاق القمر، حيث يقول:" وزعم ابن كثير أن أحاديثه متواترة"(٣)، ويأتي بنقولات في غير محلها تسوِّغ الخلاف في حجية خبر الآحاد (٤). ولم يعلم القاسمي ﵀ أنه إن رد الخبر بكونه آحادًا أنه يُوافق أهل البدع، فإن السلف مجمعون على حجية خبر الآحاد، وأن الخلاف في قبول خبر الآحاد من رده خلاف بين أهل
(١) محاسن التأويل: القاسمي (٢/ ٩١). (٢) انظر: السماوات السبع بين أقوال المفسرين وعلماء الفلك: د. سليمان الشعيلي، د. صالح الشيذاني (ص: ١٠). (٣) محاسن التأويل: القاسمي (١٥/ ٥٥٩٣) (٤) انظر: محاسن التأويل: القاسمي (١٥/ ٥٥٩٣)