قال: وجوابه أن أولي الأمر، قيل: هم الأمراء. وقيل: هم العلماء. وهما روايتان عن الإمام أحمد. والتحقيق أن الآية تتناول الطائفتين. وطاعتهم من طاعة الرسول ﷺ. لكن خفي على المقلدين أنهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بأمر الله تعالى ورسوله ﷺ. فأين في الآية تقديم آراء الرجال على سنة رسول الله ﷺ وإيثار التقليد عليها؟.
قال ابن القيم: "إن هذه الآية من أكبر الحجج عليهم وأعظمها إبطالا للتقليد. وذلك من وجوه:
أحدها: الأمر بطاعة الله التي هي امتثال أمره واجتناب نهيه.
الثاني: طاعة رسول الله ﷺ. ولا يكون العبد مطيعا لله ولرسوله حتى يكون عالما بأمر الله تعالى ورسوله. وأما من هو مقلد فيها لأهل العلم لم يمكنه تحقيق طاعة الله ورسوله ﷺ البتة.
الثالث: أن أولي الأمر قد نهوا عن تقليدهم، كما صح ذلك عن معاذ بن جبل ﵁ وعبد الله بن مسعود ﵁ وعبد الله بن عمر ﵁ وعبد الله بن عباس ﵁ وغيرهم من الصحابة. وذكرناه عن الأئمة الأربعة وغيرهم.
وحينئذ فطاعتهم في ذلك إن كانت واجبة بطل التقليد. وإن لم تكن واجبة بطل الاستدلال (١).
الرابع: أنه ﷾، قال في الآية نفسها: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. وهذا صريح في إبطال التقليد والمنع من رد المتنازع فيه إلى رأي أو مذهب أو تقليد.
فإن قيل: فما هي طاعتهم المختصة بهم؛ إذ لو كانوا إنما يطاعون فيما يخبرون به عن الله ورسوله كانت الطاعة لله ورسوله لا لهم؟
(١) انظر ما أورده ابن القيم ﵀ عن الأئمة الأربعة وغيرهم في إعلام الموقعين (٣/ ٤٦٩).