للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثالثًا: فعل الصحابة من أنهم كانوا يرثون السدس من محالفيهم.

فقد روى الطبري بسنده عن قتادة أنه قال: كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: دمي دمك. وترثني وأرثك. وتطلب بي وأطلب بك. فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس. فأمروا بأن يؤتوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس. ثم نسخ ذلك بالميراث، فقال: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ (١).

وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ "من الميراث، وعاقد أبو بكر مولى فورثه" (٢).

رابعًا: من حيث اللغة: فإن الحلف يأتي بمعنى المعاقدة والمناصرة.

قال ابن الأثير (٣): "أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله «لا حلف في الإسلام» (٤) وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه «وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة» (٥) يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام" (٦).


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٦/ ٦٧٦).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٦/ ٦٧٥).
(٣) وهو: أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، سكن الموصل، سمع الحديث من جماعة، وصنف كتبا حسنة منها: "غريب الحديث" و"تفسير القرآن" وغير ذلك، وكان فاضلا ثقة، مات سنة ٦٠٦ هـ. ينظر: تكملة الإكمال: ابن نقطة (١/ ١٢٣).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الكفالة، باب قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ﴾، برقم: (٢٢٩٤)، وأخرجه مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب مؤاخاة النبي بين أصحابه، برقم: (٢٥٢٩).
(٥) أخرجه مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب مؤاخاة النبي بين أصحابه، برقم: (٢٥٣٠).
(٦) النهاية: ابن الأثير (١/ ٤٢٤، ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>