وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ وهذا يدل على أن الرحمة إنما ينالها الذين لم يختلفوا. وغير ذلك من الآيات.
قال ابن القيم ﵀:" أنَّ قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ﴾، نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه "(١).
الثاني: أن هذا الحديث يتعارض مع النصوص الصحيحة الصريحة من السنة النبوية كحديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: "فإِنَّما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم"(٢). وحديث:"إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب"(٣). وحديث:"الجماعة رحمة والفرقة عذاب"(٤).
الثالث: معارضته للآثار الواردة عن بعض الصحابة، فقد روي عن عبد الله بن مسعود ﵁ أنه قال:" الخلاف شر"(٥)، وقال علي ﵁:"اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف"(٦).
الرابع: معارضته للمعقول، فلو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطًا، وهذا لا شك في بطلانه.
قال ابن حزم ﵀: "وهذا من أفسد قول يكون؛ لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً، وهذا ما لا يقوله مسلم؛ لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا
(١) إعلام الموقعين: ابن القيم (٢/ ٩٢). (٢) أخرجه البخاري، كتاب أخبار الآحاد، باب الاقتداء بسنن رسول الله، برقم: (٧٢٨٨)، وأخرجه مسلم، كتاب الفضائل، باب توقيره ﷺ، برقم: (١٣٣٧). (٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن، والتحذير من متبعيه، برقم: (٢٦٦٦). (٤) أخرجه أحمد في مسنده (٣٠/ ٣٩٠) برقم: (١٨٤٤٩) وحسَّن إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة (٢/ ٢٧٢) برقم: (٦٦٧). (٥) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب الصلاة بمنى، برقم: (١٩٦٠)، قال الألباني: صحيح. (٦) أخرجه البخاري، كتاب أصحاب النبي ﷺ، باب مناقب علي، برقم: (٣٧٠٧).