للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هذا؟ فأنزل الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [سورة التغابن ١٦] فنسخت هذه الآية (١).

والجواب على هذا الاستدلال من أوجه:

الأول: أن المراد من النسخ عند المتقدمين البيان تخصيص العام، وتقييد المطلق، وتبيين المجمل، وليس رفع الحكم (٢).

يقول السخاوي: " فإن قولنا: نسخ وتخصيص، واستثناء اصطلاح وقع بعد ابن عباس ، وكان ابن عباس يسمي ذلك نسخاً" (٣).

والثاني: على فرض التسليم والاعتداد بقول من قال بنسخ الآية، فالجمع بين النصوص مقدم على النسخ.

قال الحافظ ابن رجب (٤): "وإذا أمكن الجمع بينها والعمل بها كلها وجب ذلك، ولم يجز دعوى النسخ معهُ، وهذه قاعدة مطردة " (٥).

الثالث: أن ابن عباس له رواية أخرى في تفسير الآية مفادها: أن الآية لم تُنسخ، ومعنى ﴿حَقَّ تُقَاتِهِ﴾: أن تجاهد في الله حق جهاده.

قال في تأويلها: ﴿حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ أن يجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، ولا يأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم» (٦).

وسببب الاختلاف يرجع إلى اختلاف المعنى المراد بها، فالمعتقد نسخها يرى أن ﴿حَقَّ


(١) معالم التنزيل: البغوي (٢/ ٧٧).
(٢) انظر: أعلام الموقعين: ابن القيم (٢/ ٦٦)، وانظر: الموافقات (٣/ ٣٤٤).
(٣) جمال القراء وكمال الإقراء: السخاوي (ص: ٣٣٧).
(٤) وهو: عبد الرحمن بن أحمد بن حسن بن رجب البغدادي ثم الدمشقي الشيخ زين الدين المعروف بابن رجب الحنبلي، قرأ على العز محمد بن إسماعيل بن عمر الحموي أمالي ابن سمعون، مات في رجب ٧٩٥ بدمشق، ينظر: ذيل التقييد: الفاسي (٢/ ٧٢).
(٥) فتح الباري: ابن رجب (٦/ ١٥٥، ١٥٦).
(٦) جامع البيان: الطبري (٥/ ٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>