للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثانيًا: من حيث الظاهر: أنه تعالى عطف عليها بعد ذلك المفروض لها فقال: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [سورة البقرة: ٢٣٧]. فلو كان الأول لبيان طلاق المفروض لها قبل المسيس لما كرره (١).

ثالثًا: من حيث اللغة: (أَوْ) في نحو هذا الموضع تفيد ما يفيد الواو على وجه، وذلك أنه إذا قيل: افعل كذا إن جاءك زيد أو عمرو، يقتضي أن تفعله إذا جاء أحدهما، ولا شك أنه يحتاج أن يفعله إذا جاءا جميعاً؛ لأنه قد جاء أحدهما وزيادة، وعلى هذا قال النحويون: جالس الحسن أو ابن سيرين يقتضي أنه إذا جالسهما فقد امتثل، وعلى هذا قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [سورة النساء: ٤٣] فظاهر الآية يقتضي أنه إن لم يكن لها مسيس أو لم يكن لها فرض أو لم يكن الأمران فلها المتعة، فكأنه قيل: إذا طلقتموهن ولم يحصل الأمران: المسيس والفرض، أو حصل المسيس ولم يحصل الفرض، فمتعوهن (٢).

رابعًا: من حيث اللغة أيضًا: أن (أَوْ) في قوله: ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ عاطفة على ﴿تَمَسُّوهُنَّ﴾ المنفي، و (أو) إذا وقعت في سياق النفي تفيد مفاد واو العطف فتدل على انتفاء المعطوف والمعطوف عليه معا، ولا تفيد المفاد الذي تفيده في الإثبات، وهو كون الحكم لأحد المتعاطفين (٣).

خامسًا: من حيث اللغة أيضًا: أن مفاد «أو» في الإثبات نظير مفاد النكرة وهو الفرد المبهم، فإذا دخل النفي استلزم نفي الأمرين جميعا، ولهذا كان المراد في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [سورة الإنسان: ٢٤] النهي عن طاعة كليهما، لا عن طاعة أحدهما دون الآخر (٤).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٤/ ١٦٢).
(٢) تفسير الراغب الأصفهاني (١/ ٤٩٠)، وانظر: فتوح الغيب: الطيبي (٣/ ٤٣٦).
(٣) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢/ ٤٥٨).
(٤) انظر: التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>