بينهما أمر حتم لا بد منه، لأن شعائر الله عظيمة، لا يجوز التهاون بها" (١).
ومن السنة: ما رواه مسلم في صحيحه عن جابرٍ ﵁ أن النبي ﷺ قال: "لِتَأخُذُوا عني مناسِكَكم" (٢).
قال ابن كثير: "القول الراجح هو: ركنية السعي، لأنه ﵇ طاف بينهما، وقال:"لتأخذوا عني مناسككم". فكل ما فعله في حجته تلك واجب لا بد من فعله في الحج، إلا ما خرج بدليل، والله أعلم (٣).
وأيضًا: ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث حبيبةَ بنت أبي تِجْراةَ (٤)، عَنِ النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال:"اسْعَوْا؛ فإن الله كتب عليكم السَّعي"(٥). وكتب بمعنى: أوجب.
وأما عن دلالة السياق: فإنها تدل على أن المراد من التطوع، الزيادة على الفرض من عمرة أو طواف أو غير ذلك.
قال الآلوسي: في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أي: "من انقاد انقيادا- خيرا أو بخير، أو آتيا بخير- فرضا كان أو نفلا، وهو عطف على ﴿فَمَنْ حَجَّ﴾ مؤكد أمر الحج والعمرة والطواف تأكيد الحكم الكلي للجزئي، أو من تبرع تبرعا- خيرا- أو بخير أو آتيا بخير من حج أو عمرة أو طواف لقرينة المساق، وعليه تكون الجملة مسوقة لإفادة شرعية التنفل بالأمور الثلاثة"(٦).
وأما عن دلالة سبب نزول الآية: فقد روى الشيخان في صحيحهما عن عروة قال:
(١) أضواء البيان: الشنقيطي (٤/ ٤١٧). (٢) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا، برقم: (١٢٩٧). (٣) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٢/ ٢٦). بتصرف. (٤) وهي: حبيبة بنت أبي تِجْرَاة العبدرية من بني عبد الدار، لها صحبة، رأت النبي ﷺ في المسعى، وروت عنه حديث: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي"، ينظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ابن عبد البر (٤/ ١٨٠٦). (٥) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٤/ ٢٣٢) برقم: (٢٧٦٤) قال الألباني: "حديث صحيح رجاله ثقات" وقال: "وللحديث طرق أخرى بعضها جيد". (٦) روح المعاني: الآلوسي (٣/ ٥٦).