العاصي. وغير المعصوم قد يكون محفوظا فلا يصدر عنه ذنب أو يصدر عنه ويتوب منه حالا توبة نصوحا فالآية لا تتناوله وإنما تتناول العاصي على أن العهد في الآية كما يحتمل أن يراد به الإمامة العظمى يحتمل أيضا أن المراد به النبوة أو الإمامة في الدين أو نحوهما من مراتب الكمال وهذه الجهالة منهم إنما اخترعوها ليبنوا عليها بطلان خلافة غير علي (١).
الوجه الخامس: أن العصمة من الخطأ كبيره وصغيره، عمداً وسهواً ونسياناً من المولد إلى الممات أمر يتنافى مع الطبيعة البشرية، فلا يقبله العقل إلا بالدليل قطعي من النقل. وهذه الآية الكريمة لا تثبته للأئمة عموماً فضلاً عن أئمة الجعفرية على وجه الخصوص، على أن دلالة القرآن الكريم تتنافى مع مثل هذه العصمة حتى بالنسبة لخير البشر جميعاً الذين اصطفاهم الله تعالى للنبوة والرسالة (٢).
الوجه السادس: أن استدلالهم هذا يؤدي إلى أن جميع المسلمين وكذلك الشيعة وأهل البيت - إلا من تعتقد الشيعة عصمتهم - جميعهم ظلمة لأنهم غير معصومين، وقد قال شيخهم الطوسي بأن:"الظّلم اسم ذمّ فلا يجوز أن يطلق إلا على مستحقّ اللّعن لقوله تعالى: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ "(٣).
الوجه السابع: أن علماء الشيعة الزيدية يقررون نقض استدلال الشيعة الاثني عشرية بهذه الآية، حيث يقول الزيدي:"احتج الرافضة بالآية على أن الإمامة لا يستحقها من ظلم مرة، ورام الطعن في إمامة أبي بكر ﵁ وعمر ﵁، وهذا لا يصح لأن العهد إن حمل على النبوة فلا حجة، وإن حمل على الإمامة فمن تاب من الظّلم لا يوصف بأنّه ظالم، ولم يمنعه - تعالى - من نيل العهد إلا حال كونه ظالمًا"(٤).
(١) الصواعق المحرقة: ابن حجر الهيتمي (١/ ٢٧، ٢٨). (٢) مع الإثني عشرية: علي السالوس (١/ ٨٩). (٣) التبيان في تفسير القرآن: الطوسي (٢/ ٨٣). (٤) تفسير الثمرات اليانعة: الفقيه يوسف الزيدي (ص: ٢٢٢)، وانظر كتاب: أصول مذهب الشيعة الإمامية: ناصر القفاري (٢/ ٧٨٥، ٧٨٦).