وهذا الذي سلكه غريب جدا! وأغرب منه قول من زعم أن هاروت وماروت قبيلان من الجن [كما زعمه ابن حزم]" (١).
الثاني: تعقب الآلوسي على قول القرطبي فقال: "وممّا يقضي منه العجب ما قاله الإمام القرطبي: إنّ هاروت وماروت بدل من الشياطين".
ثم قال: "وأعجب من هذا قوله: وهذا أولى ما حملت عليه الآية من التأويل وأصح ما قيل فيها، ولا تلتفت إلى ما سواه.
ولا يخفى لدى كل منصف أنه لا ينبغي لمؤمن حمل كلام الله -تعالى وهو في أعلى مراتب البلاغة والفصاحة- على ما هو أدنى من ذلك وما هو إلا مسخ لكتاب الله -تعالى عز شأنه- وإهباط له عن شأوه ومفاسد قلة البضاعة لا تحصى" (٢).
الثالث: ما أورده بعض المفسرين كابن كثير وابن الجوزي وغيرهم عن الملكين هاروت وماروت من قصص عجيبة وأخبار غريبة، قد جمعها العلامة محمد أبو شهبة وبين زيفها (٣).
فائدة:
سُئل العلامة ابن باز ﵀ عن هاروت وماروت هل هما ملكان أم بشران؟
فأجاب ﵀: "اختلف العلماء في هذا. والأظهر: أنهما ملكان نزلا ابتلاء وامتحانا، كما قال الله ﷿: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ الآية.
وقال بعض أهل العلم: إنهما ملكان من بني آدم ابتلي الناس بهما. والقول الأول هو الأظهر. والقراءة على هذا في القول الأول بفتح اللام، وعلى القول الثاني بكسرها" (٤).
(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (١/ ٥٢٢). (٢) روح المعاني: الآلوسي (٢/ ٣٥٥، ٣٥٦). (٣) انظر: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير: محمد أبو شهبة (ص: ١٥٩ - ١٦٦). (٤) مجموع فتاوى ابن باز (٨/ ١١٥).