للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدنيا (١).

خامسًا: على القول بأن في الآية تقديم وتأخير، وأن هاروت وماروت بدل من الشياطين، فإنه لا يدل على أن هاروت وماروت من الجن والشياطين، بل يدل على أنهما من البشر، وهذا خلاف ما تقدم تقريره بأنهم من الملائكة.

قال ابن جرير: فإن قال لنا قائل: وكيف وجه تقديم ذلك؟ قيل: وجه تقديمه أن يقال: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما أنزل على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت. فيكون معنيا بالملكين: جبريل وميكائيل؛ لأن سحرة اليهود فيما ذكر كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود. فأكذبها الله بذلك وأخبر نبيه محمدا أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر قط، وبرأ سليمان مما نحلوه من السحر، فأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ببابل، وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان اسم أحدهما هاروت واسم الآخر ماروت؛ فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة على الناس وردا عليهم (٢).

سادسًا: جميع الأوجه التي تقدم ذكرها في المسألة السابقة من أن السحر كان نازلاً على الملكين تدل على أن هاروت وماروت كانا ملكين من الملائكة وليسا من الجن.

تنبيهات:

الأول: تعقب الحافظ ابن كثير على قول ابن حزم فقال: "وادعى ابن جرير أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض، وأذن لهما في تعليم السحر اختبارا لعباده وامتحانا، بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل، وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك؛ لأنهما امتثلا ما أمرا به.


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٢٨٢) برقم: (٩٤)، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (١/ ٥٣٠)، قال محقق الكتاب: إسناده صحيح.
(٢) جامع البيان: الطبري (٢/ ٣٣١، ٣٣٢)، وانظر: فتح القدير: الشوكاني (١/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>