للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعن عبد الله الداناج (١)، قال: شهدت أنس بن مالك ، وقال له رجل: يا أبا حمزة! إن قوما يكذبون بالشفاعة، قال : لا تجالسوهم، فقال له رجل: إن قوما يكذبون بعذاب القبر، قال : لا تجالسوهم" (٢).

وقال أيوب السختياني (٣): "من كذب بالشفاعة فلا نصيب له فيها" (٤).

وبهذا يتبين بطلان القول الذي ينفي إثبات الشفاعة للعُصاة من الموحدين.

مناقشة استدلال المعتزلة:

استدل المعتزلة بقوله تعالى: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)﴾ على نفي الشفاعة عن العصاة والموحدين، والجواب على استدلالهم من أوجه:

الأول: ما تقدمت به الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع وأقوال أهل العلم التي تُثبت وقوع الشفاعة لأهل الكبائر.

الثاني: أن نفي الشفاعة الذي استدل به المعتزلة في قوله تعالى: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)[سورة البقرة: ٤٨]. يُحمل على مواقف أُخرى في يوم القيامة لم يأذن الله -تعالى- للشافع أن يشفع فيها، دون غيرها من المواقف.

قال ابن المُنيّر مُعقّبًا على الزمخشري: "أما من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها. وأما من آمن بها وصدقها وهم أهل السنة والجماعة، فأولئك يرجون رحمة اللَّه. ومعتقدهم


(١) وهو: عبد اللَّه بن فيروز الداناج البصريّ، روى عن: أنس بن مالك وغيره، روى له الجماعة سوى التّرمِذي، وثَّقه أبو زرعة وابن حبان، وقال النَّسَائي: ليس به بأس. ينظر: تهذيب الكمال: المزي (١٥/ ٤٣٧، ٤٣٨).
(٢) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٦/ ٤٣٢) برقم: (١٨٦٣)، قال المحقق: هذا أثر صحيح، وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (١٨/ ٤٨١) وقال المحققون: الأثر صحيح ورواته ثقات.
(٣) وهو: أيوب بن كيسان السختياني أبو بكر العنزي، الإمام، الحافظ، سيد العلماء، عداده في صغار التابعين، وكان يقوم الليل كله، ويخفي ذلك، وحج أربعين حجة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (٦/ ١٥ - ٢٤).
(٤) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٦/ ٣٩٤) برقم: (١٧٩٧)، قال محقق الكتاب: هذا أثر صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>