وفي هذه المدة الزمنية أصبحت الأوضاع في الدولة العثمانية متدهورة حتى أصبح يُطلق عليها اسم:"الرجل المريض"، ففي عهد السلطان عبد العزيز، كانت الدول الأوروبية تقوم بالضغط عليها، وتتدخل في الشؤون الداخلية بزعم الإصلاح والنهوض والتقدم على النهج الغربي والفكر الأوروبي والمبادئ العلمانية اللادينية بفرض القوانين والأنظمة والعادات المخالفة لدين الإسلام (١).
ومن أهم العهود التي عاش فيها القاسمي ﵀ هو عهد السلطان عبد الحميد الثاني، الذي تولى الحكم بعد مراد الخامس، وهو ابن السلطان عبد المجيد من زوجته الثانية، تزوج وعمره أربع وثلاثون سنة، تسلم السلطة والدولة محفوفة بالمخاطر العظيمة، والثورات الأهلية، فحرص على الإصلاح وإعادة الأمور إلى مجاريها الطبيعية، فسدد معظم الديون التي بلغت أكثر من ٢٥٢ مليون ليرة عثمانية، وألغى الدستور، وشرَّد زعماء التغريب، وشرع في إصلاح الدولة وفق المبادئ الإسلامية، إلا أن هذا الجو لم يدم طويلا فروسيا أعلنت الحرب على الدولة العثمانية وكان النصر حليفها، وذلك سنة: ١٨٧٧ م (٢)، وفرنسا احتلت تونس وبريطانيا مصر (٣)، وفي الأحوال الداخلية نجد هيمنة المحافل الماسونية (٤) على عقول زعماء التوجه القومي في داخل الشعوب الإسلامية، الشيء الذي نتج عنه الفتن والقلاقل والثورات الشعبية (٥).
ولما وصل مدحت باشا (٦) إلى الصدارة العظمى: انحرف في القيادة العثمانية على
(١) انظر تفصيل ذلك في كتاب: تاريخ الدولة العثمانية: د. علي حسون (ص: ١٩٩ - ٢٠٢). (٢) انظر تفصيل ذلك في كتاب: تاريخ الدولة العثمانية: د. علي حسون (ص: ٢٢٩ - ٢٣٥). (٣) انظر تفصيل ذلك في كتاب: تاريخ الدولة العثمانية: د. علي حسون (ص: ٢٣٥ - ٢٣٨). (٤) الماسونية: منظمة يهودية سرية تعمل في خفاء على تحقيق مصالح اليهود الكبرى، وتمهد لقيام دولة اليهود العظمى، ويُرجح كثير من الباحثين أنها تأسست في القرن الأول، أي: ٤٣ م. ينظر: الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة: د. ناصر العقل (٥٠ - ٥٩) وينظر: الماسونية بين الشيوعية والصهيونية: د. عفيفي (ص: ٨). (٥) انظر: المصدر السابق. (٦) مدحت باشا: ابن حاجي حافظ أشرف أفندي العثماني، عُين تولى منصب الصدارة العُظمى، وأصدر الدستور العثماني، وكانت نظرته تغريبية، فلم يتفق مع السلطان عبد الحميد، توفي عام ١٣٠١ هـ. ينظر: الأعلام: الزركلي (٧/ ١٩٥).