الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على محمد النبي المختار، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم نلقاه، وبعد:
فإني أحمد الله تعالى على بما منَّ به عليّ من فضله وتوفيقه أن يسر لي إتمام هذه الرسالة، وتفضّل عليّ بأن أمضيت مدة طويلة من الزمن بالعيش مع العلامة محمد جمال الدين القاسمي ﵀، وتفسيره محاسن التأويل.
وقد ظهر لي بعد إتمام هذه الرسالة جملة من النتائج والتوصيات، جعلتها خاتمة لهذه الرسالة، وهي مندرجة فيما يلي:
١ - تميزت شخصية العلامة القاسمي ﵀ بسلامة عقيدته من شوائب البدع والتأويلات المخالفة لعقيدة أهل السنة، فهو علمًا من أعلام التفسير، والحديث، والفقه، واللغة، وفي فنون شتى كما يظهر من مؤلفاته ﵀، وثناء أهل العلم عليه في زمانه وبعد مماته.
٢ - مما تميز به القاسمي ﵀ أنه نشأ في بيئة وعصر كان يغلب عليه الركود والجمود، ويسوده الجهل، وانتشار البدع، والتعصب المذهبي، ومحاربة السنة، فكان بروزه وتقريره لعقيدة أهل السنة، وذمه للتقليد، وتحري الحق والصواب، من توفيق الله تعالى له.
٣ - تأثر القاسمي ﵀ ببعض الأئمة الأفاضل كابن تيمية وتلميذه ابن القيم في اختياراتهما وآرائهما، فالملاحظ عليه مثلا أنه في عدة مواضع يتعقب المخالفين لأهل السنة والجماعة في الاعتقاد، ثم يستشهد على ذلك من كلام ابن القيم أو ابن تيمية، وكذا فيما يتعلق بالحقيقة والمجاز، فإنه يتعقب على القائلين بالمجاز، وما ذاك إلا تأثرا بكلام ابن القيم وابن تيمية في إنكار المجاز.
٤ - تميز منهج القاسمي ﵀ في عرضه لأقوال من سبقه من أهل العلم ونقدها بأسلوب علمي، وبأدب في الغالب، وقدرته على الاختيار والترجيح، كما هو ظاهر في تعقباته على من سبقه من الأعلام والمفسرين.