فَاسْتَوْخَمُوا (١) الْأَرْضَ، فَسَقِمَتْ (٢) أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: "أَفَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ (٢) مِنْ أَلْبَانِهَا (٣) وَأَبْوَالِهَا؟ "، قَالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا (٣) وَأَبْوَالِهَا؛ فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسَمَرَ (٤) أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا، قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟! ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا، فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: وَاللَّهِ، إِنْ سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، فَقُلْتُ: أَتَرُدُّ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا عَنْبَسَةُ؟!، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَاللَّهِ، لَا يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ، فَخَرَجُوا بَعْدَهُ، فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ (٥) فِي الدَّمِ (٦)، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا، فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: "بِمَنْ تَظُنُّونَ - أَوْ (٧): تَرَوْنَ
(١) فاستوخموا: استثقلوها ولم يوافق هواؤها أبدانهم. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: وخم).(٢) عليه صح.(٣) قوله: "من أَلْبَانِهَا" مؤخر عن: "وأَبْوَالِهَا" عند أبي ذر.(٤) "وسَمَّر": عليه صح ورقم عليه لأبي ذر.(٥) يتشحط: يتخبط ويتمرغ. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: شحط).(٦) لأبي ذر والكشميهني: "في دَمِهِ".(٧) لأبي ذر وعليه صح: "أو مَنْ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute