وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الْأَرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ، فَجَلَسَتْ (١) فَخَلَا عَامًا، فَجَاءَنِي الْيَهُوديُّ عِنْدَ الْجَدَادِ وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ (٢) إِلَى قَابِلٍ فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: "امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ الْيَهُودِيِّ"، فَجَاءُونِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُكَلِّمُ الْيَهُودِيَّ فَيَقُولُ: أَبَا الْقَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ، فَلَمَّا رَأَى (٣) النَّبِيُّ ﷺ قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ فَأَبَى، فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: "أَيْنَ عَرِيشُكَ (٤) يَا جَابِرُ؟ " فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "افْرُشْ لِي فِيهِ"، فَفَرَشْتُهُ فَدَخَلَ فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَامَ فِي الرِّطَابِ (٥) فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا جَابِرُ، جُدَّ وَاقْضِ"، فَوَقَفَ (٦) فِي الْجَدَادِ، فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ مِنْهُ (٧)، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَبَشَّرْتُهُ، فَقَالَ: "أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" (٨).
(١) على أوله صح، ولأبي ذر عن الكشميهني: "فَخَاسَتْ".(٢) أستنظره: الإنظار: التأخير والإمهال. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: نظر).(٣) على حاشية البقاعي: "رآه" ونسبه لنسخة.(٤) لأبي ذر وعليه صح: "عَرْشُكَ".عريشك: العريش: كل ما يستظل به. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: عرش).(٥) الرطاب: جمع رطبة، أي: النخل ذات الرطب. (انظر: هدي الساري) (ص ١٢٩).(٦) عليه صح. وعلى حاشية البقاعي: "فوقفت" ونسبه لنسخة.(٧) لأبي ذر وعليه صح: "مِثْلُهُ".(٨) زاد للأصيلي، وأبي ذر، وأبي الوقت، ورقم فوقهم وإلى آخره بعلامة المستملي: "عُرُوشٌ وعَرِيشٌ بِنَاءٌ. وقال ابنُ عباس: ﴿مَعْرُوشَاتٍ﴾ [الأنعام: ١٤١]: ما يُعَرَّشُ من الكُرُومِ وغَيْرِ ذَلِكَ، يُقالُ: عُرُوشُها أَبْنِيَتُها. قال محمدُ بنُ يوسف: قال أبو جَعْفَرٍ: قال محمدُ بنُ إسْماعِيلَ: فَخَلَا لَيْسَ عِنْدِي مُقَيَّدًا ثم قال: فَجَلَّى لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ".* [٥٤٣٦] [التحفة: خ ٢٢١٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute