لَا تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ ﷺ وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ، وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ (١) مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُرِيدُ عَائِشَةَ.
قَالَ عُمَرُ: وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا (٢) أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ (٣) لِغَزْوِنَا (٤)، فَنَزَلَ صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ أَجَاءَ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ (٥)؛ طَلَّقَ النَّبِيُّ ﷺ نِسَاءَهُ (٦)؛ فَقُلْتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُن هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَشْرُبَةً (٧) لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ، أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا؟! أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِيُّ ﷺ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي الْمَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ! فَدَخَلَ الْغُلَامُ، فَكَلَّمَ النَّبِيَّ ﷺ
(١) أوضأ: الوضاءة: الْحُسْن. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: وضأ).(٢) عليه صح.(٣) تنعل الخيل: تجعل لها نعالا. (انظر: مشارق الأنوار) (٢/ ١٧).(٤) لأبي ذر عن الكشميهني: "لِتَغْزُوَنَا".(٥) على حاشية البقاعي: "وأطول" ونسبه لنسخة.(٦) بعده عند أبي ذر وعليه صح: "وقال عُبَيْدُ بنُ حُنَيْنٍ: سمع ابنَ عَبَّاسٍ عن عُمَرَ فقال: اعْتَزَلَ النبيُّ ﷺ أَزْوَاجَهُ"، وعلى حاشية البقاعي: "وقال ابن عمر: اعتزل أزواجه" ونسبه لأبي ذر.(٧) كذا بالضبطين وعليه "معا".مشربة: غرفة. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: شرب).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute