رَأَيْتَنِي (١) وَكُنَّا - مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى (١) قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ - فَذَكَرَهُ - فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ (٢) ﷺ، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي (١) وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ (٣) إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ (٤) ثَلَاثةٍ (٥)، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ؛ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ - وَكَانَ مُتَّكِئًا - فَقَالَ: "أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟! أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: "مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا" مِنْ شِدَّةِ مَوْجَدَتِهِ (٦) عَلَيْهِنَّ حِينَ (٧) عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَلَّا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ (٨) وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "الشَّهْرُ
(١) عليه صح.(٢) رقم عليه لأبي ذر وعليه صح وكريمة. ولبعضهم: "رسولُ اللَّهِ" وعليه صح بلا رقم.(٣) كذا قوله: "هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ" بنصب "أَوْضَأَ" و"أَحَبَّ". ولأبي ذر وعليه صح: "هِيَ أَوْضَأُ مِنْكِ وَأَحَبُّ" بالرفع.(٤) أهبة: جمع إهاب، وهو الجلد، وقيل: إنما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ، فأما بعده فلا. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: أهب).(٥) لأبي ذر عن الكشميهني: "ثَلَاثٍ".(٦) "مَوْجَدَتِهِ" كذا في اليونينية الجيم مفتوحة. وفي القسطلاني أنها بالكسر والفتح.موجدته: غضبه. (انظر: مشارق الأنوار) (٢/ ٢٨٠).(٧) للكشميهني: "حَتَّى".(٨) للحموي والمستملي: "بِتِسْعٍ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute