حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ، فَسَعَوْا (١) لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ (٢) أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا (٣) لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ (٤) وَاللَّه لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا (٥)، فَصَالَحُوهُم عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيهِ، وَيَقْرَأُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (٦) فَكَأَنَّمَا نُشِطَ (٧) مِنْ عِقَالٍ (٨)، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ (٩)، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ ﷺ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا؟ فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ " ثُمَّ قَالَ: "قَدْ أَصَبْتُمُ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا" فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ (١٠) ﷺ.
(١) لأبي ذر عن الكشميهني: "فَشَفَوْا".(٢) لأبي ذر عن الكشميهني: "لَعَلَّ".(٣) لأبي ذر عن الكشميهني: "وَشَفَيْنَا".(٤) عليه صح.(٥) جعلا: هو الأجرة على الشيء فِعْلًا أو قَوْلًا. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: جعل).(٦) [الفاتحة: ١].(٧) نشط: حُلَّ. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: نشط).(٨) عقال: هو الحبل الذي يشد به ذراع البهيمة. (انظر: عمدة القاري) (١٢/ ١٠٠).(٩) قلبة: ألم وعِلَّة. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: قلب).(١٠) لأبي ذر وعليه صح، ولأبي الوقت: "النبيُّ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute