القول الثاني: أن الآية منسوخة، إما أن تكون نُسخت بالقرآن، نسخها قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾، وإما أن تكون نسخت بالسنة، نسخها حديث عائشة ﵂:"ما مات رسول الله ﷺ حتى أحل له النساء"(١).
أصحاب القول الأول:
ابن عباس ﵁:«نهي رسول الله ﷺ أن يتزوج بعد نسائه الأول شيئا» وبنحو ذلك روي عن قتادة، والحسن، وابن سيرين، وأبي بن كعب، وعكرمة، والضحاك، ومجاهد (٢)، من أن الآية ليست منسوخة.
أبو حيان:" ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ الظاهر أنها محكمة، وهو قول أبي بن كعب وجماعة، منهم الحسن وابن سيرين، واختاره الطبري"(٣).
الآلوسي:"والظاهر على القول بأن الآية نزلت كرامة للمختارات، وتطييبًا لخواطرهن، وشكرا لحسن صنيعهن، عدم النسخ، والله تعالى أعلم"(٤).
ابن عاشور:"فلا ناسخ لهذه الآية من القرآن ولا هي ناسخة لغيرها"(٥).
أصحاب القول الثاني:
ابن عباس ﵁ في رواية:"الآية منسوخة بالآية التي سبقت وهي ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [سورة الأحزاب: ٥١] "، وبنحو ذلك روي عن عائشة، وعلي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين (٦)، من أن الآية منسوخة.
(١) أخرجه الترمذي في سننه، أبواب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الأحزاب، برقم: (٣٢١٦)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وستأتي التنبيه على ضعف إسناد الحديث. (٢) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (١٩/ ١٤٦ - ١٤٩)، وانظر: معاني القرآن: النحاس (٥/ ٣٦٧)، وانظر: بحر العلوم: السمرقندي (٣/ ٧٠). (٣) البحر المحيط: أبو حيان (١٧/ ٣٥٣). (٤) روح المعاني: الآلوسي (٢١/ ٤١٥). (٥) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢٢/ ٧٧). (٦) انظر: معاني القرآن: النحاس (٥/ ٣٦٨، ٣٦٩)، وانظر: لباب التفاسير: الكرماني (ص: ٢٢١١)، وانظر: فتح البيان: القنوجي (١١/ ١٢١).