حين قرأ في الصلاة:"تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن ترتجى"، غير أنه لا يقدر، أن يزيد فيه، أو ينقص منه. أما تسمعه يقول: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾ أي: يبطل ما ألقاه الشيطان" (١).
السمعاني: "الأكثرون من السلف ذهبوا إلى أن هذا شيء جرى على لسان الرسول بإلقاء الشيطان من غير أن يعتقد -يعني قوله: تلك الغرانيق العُلى-، وذلك محنة وفتنة من الله" (٢).
ابن حجر: " لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا - يعني قصة الغرانيق- مع أن لها طريقين آخرين مرسلين رجالهما على شرط الصحيحين " (٣).
السعدي: " وهذه الآيات، فيها بيان أن للرسول ﷺ أسوة بإخوانه المرسلين، لما وقع منه عند قراءته ﷺ: ﴿وَالنَّجْمِ﴾ فلما بلغ ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [سورة النجم: ٢٠]، ألقى الشيطان في قراءته:"تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لتُرتجى" فحصل بذلك للرسول حزن وللناس فتنة، كما ذكر الله، فأنزل الله هذه الآيات" (٤).
أصحاب القول الثاني:
ابن خزيمة: " إن هذه القصة - يعني قصة الغرانيق- من وضع الزنادقة" (٥).
ابن عطية: " وهذا الحديث الذي فيه (هن الغرانقة) وقع في كتب التفسير ونحوها، ولم يدخله البخاري ولا مسلم ولا ذكره -في علمي- مصنف مشهور، بل يقتضي مذهب أهل الحديث أن الشيطان ألقى، ولا يُعَيّنون هذا السبب ولا غيره " (٦).
(١) تأويل مختلف الحديث: ابن قتيبة (ص: ٢٦٤). (٢) تفسير القرآن: السمعاني (٣/ ٤٤٩). (٣) فتح الباري: ابن حجر (٨/ ٤٣٩). (٤) تيسير الكريم الرحمن: السعدي (ص: ٥٤٢). (٥) انظر: زاد المسير: ابن الجوزي (٣/ ٢٤٤)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٢٣/ ٢٣٧)، وانظر: فتح القدير: الشوكاني (٣/ ٥٤٦). (٦) المحرر الوجيز: ابن عطية (٧/ ٧٢).