للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيهم كما وُلِد محمد فيهم" (١).

وقال يحيى بن سلام في تأويل الآية: "يعني: كذبه فرعون" (٢).

الثاني: أن ظاهر الآية الذي يدل على أن المراد القبط من فرعون وقومه وليس قوم موسى، لأن الله تعالى قال: ﴿وَكُذِّبَ مُوسَى﴾ ولم يقل: (وقوم موسى)، كما قال في نوح وعاد وثمود وإبراهيم، فإنما ذلك، لأن قوم موسى هم بنو إسرائيل وكانوا مؤمنين، وإنما كذبه فرعون وقومه من القبط (٣).

الثالث: أن بناء الفعل للمفعول في قوله تعالى: ﴿وَكُذِّبَ مُوسَى﴾ يُفيد التنبيه، وذلك أن موسى لما أتى من الآيات المرئية ثم المسموعة بما لم يأت بمثله أحد ممن تقدمه، كان تكذيبه في غاية من البعد، وعلى أن الذين أطبقوا على تكذيبه القبط، وأما قومه فما كذبه منهم إلا ناس يسير، ولهذا قال الله سبحانه: ﴿وَكُذِّبَ مُوسَى﴾ (٤).

الرابع: سياق الآية الذي دل على أن المراد من القوم الذين كذّبوه هم: قوم فرعون من القبط، وذلك لأن الله تعالى قال: ﴿فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ﴾ أي: أمهلتهم بتأخير عقوبتهم إلى الوقت الذي أردته، وكما هو معلوم أن القوم الذين أهلكم الله ممن بعث إليهم موسى هم قوم فرعون من القبط.

ولا يُقال ذلك في قوم موسى، فإن قوم موسى وإن قالوا ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [سورة البقرة: ٥٥] أو أنهم عبدوا العجل واستمروا على العناد، إلا أنه كلما تجدد لهم المعجزة جددوا الإيمان، فبني إسرائيل لم يكذبوا موسى بأسرهم ومن


(١) تفسير مقاتل بن سليمان (٣/ ١٣٠).
(٢) تفسير يحيى بن سلام (١/ ٣٨١).
(٣) انظر: جامع البيان: الطبري (١٦/ ٥٨٩)، وانظر: الهداية: مكي بن أبي طالب (٧/ ٤٩٠٤)، وانظر: الكشاف: الزمخشري (٣/ ١٦١)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٢٣/ ٢٣١)، وانظر: لباب التأويل: الخازن (٣/ ٢٥٩).
(٤) انظر: نظم الدرر: البقاعي (١٣/ ٦١)، وانظر: فتح الرحمن: السنيكي (١/ ٣٨٤)، وانظر: السراج المنير: الشربيني (٢/ ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>