للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صفات المسلمين، فلا يخفى على أدنى عاقل أن قول قوم من المسلمين في القرون الماضية: إنهم سيفعلون كذا لا يعارض به النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي إلا من طمس الله بصيرته، فقابل قولهم: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ بقوله في مرض موته قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى بخمس "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (١). الحديث. يظهر لك أن من اتبع هؤلاء القوم في اتخاذهم المسجد على القبور ملعون على لسان الصادق المصدوق كما هو واضح، ومن كان ملعونًا على لسانه فهو ملعون في كتاب الله كما صح عن ابن مسعود ؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ الآية، وبه تعلم أن من اتخذ المساجد على القبور ملعون في كتاب الله جل وعلا على لسان رسوله ، وأنه لا دليل في آية: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ " (٢).

وبهذا يتبين أن القوم الذين أمروا باتخاذ المسجد على أصحاب الكهف، لم يكونوا محمودين، وهو ظاهر ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، وذلك من أوجه:

الأول: ما دلت عليه السنة الصحيحة من أن بناء المساجد على القبور من سنن الجاهلية، ومن ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث عائشة «أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي ، فقال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات، بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» (٣).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم: (١٣٣٠)، وأخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم: (٥٢٩).
(٢) انظر: أضواء البيان: الشنقيطي (٣/ ٢١٤، ٢١٥)، وقد توسع الآلوسي في بيان حل هذا الإشكال في روح المعاني (١٥/ ٢٦٠ - ٢٦٦).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، برقم: (٤٢٧)، وأخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم: (٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>