للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله تعالى مخاطبا موسى : ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾ [سورة الدخان: ٢٣]، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ [سورة الفجر: ٤] فالليل نفسه يسري، أي يسير متخفّيا في ظلام، مستترا به، لا ننكشف حركته للناس، مما يدل على أن الإسراء إنما يكون في الليل (١).

الثاني: الشواهد الشعرية، واللغوية الدالة على أن السراة تكون بالليل، ومن ذلك قول أبو محمد الفقعسي (٢):

وَلَيْلَةٍ ذَاتِ دُجًى سَرَيْتُ … وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ (٣)

أي: لم يمنعني عن سُراها مانع (٤).

والمراد من السُّرَي: سير اللّيل، وكل شيء طرق ليلا فهو سارٍ. سَرَى يسري سُرىً وسَرْياً. والسّاريةُ من السَّحاب: التي تجيء بين الغادية والرّائحة ليلا، والعرب تؤنِّث السُّرَى، قال: هنّ الغِياثُ إذا تَهَوّلتِ السُّرَى، وسرى وأسرى، لغتان، وقرئ: ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾. وسَرَى به وأَسرَى به سواء (٥).

وأصل الفعل من السرّ، وهو ما خفي عن غير صاحبه من الأمور .. ولأن الليل يستر الناس، ويخفى شخوصهم وأفعالهم عن الناس (٦).


(١) انظر: التفسير القرآني للقرآن: الخطيب (٨/ ٤٠٩).
(٢) وهو: أبو محمد عبد الله بن ربعيّ بن خالد الحذلمي الفقعسي راجز إسلاميّ، مات خلال فترة خلافة أبي بكر الصديق . ينظر: سمط اللآلي: البكري (١/ ١٤٨)، وينظر كتاب: ما تبقى من أراجيز أبي محمد الفقعسي: د. محمد جبار (ص: ٥).
(٣) انظر: جامع البيان: الطبري (١٤/ ٤١٢)، وانظر: لسان العرب: ابن منظور (١٣/ ١٣١).
(٤) انظر: الصحاح تاج اللغة: الفارابي (١/ ٢٦٥).
(٥) انظر: العين: الفراهيدي (٧/ ٢٩١)، وانظر: جامع البيان: الطبري (١٤/ ٤١٢)، وانظر: المحيط في اللغة: الصاحب ابن عباد (٢/ ٢٧٤)، وانظر: النكت والعيون: الماوردي (٣/ ٢٢٤).
(٦) انظر: التفسير القرآني للقرآن: الخطيب (٨/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>