كان لفرعون خزائنُ كثيرةٌ غير الطعام، فأسلم سلطانَه كُلَّه له، وجعل القضاء إليه؛ أمره، وقضاؤه نافِذ (١).
وقال الربيع بن أنس: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ﴾ أي: على خراج مصر ودخلها (٢).
وبنحو هذا العموم ذهب جمع من المفسرين من أن المراد بالخزائن: الأمكنة التي تخزن فيها الأموال والأطعمة، ونحو ذلك مما يحتاجه الناس (٣)، دون تخصيص المكان بالأهرامات.
الثاني: من حيث المراد بالمعنى اللغوي للخزائن: فخزائن الأرض: ما تخرجه الأرض من ثمار الفاكهة والحبّ .. وسمّى ذلك خزائن الأرض، لأنها تخزنه في كيانها إلى أن يظهره الجهد الإنساني، ويكشف عنه، بالغرس، والسقي، وغير هذا، مما يحتاج إليه الزرع كي ينمو ويثمر (٤).
وهذا المعنى يُنافي المراد من تخصيص الخزائن بالأهرامات لكونها ليست مكانًا مما تخرجه الأرض من ثمارها.
الثالث: أن السبب في بناء الأهرام كما يقول المؤرخون ليس لجمع الأموال والغلات، وإنما السبب: لجعلها مدافن لملوك مصر.
ففي كتاب (الأثر الجليل لقدماء وادي النيل): جميع الأهرام ليست إلا مقابر ملوكية آثر أصحابها أن يتميزوا بها بعد موتهم عن سائر الناس، كما تميزوا عنهم مدة حياتهم، وتوخّوا أن يبقى ذكرهم بسببها على تطاول الدهور، وتراخي العصور، وقد أجمع مؤرخو هذا العصر على أن الهرم الأكبر قبر للملك (خوفو) والثاني (خفرع) والثالث للملك (منقرع) وجميعهم من العائلة المنفيسية. ولا عبرة بقول من زعم أنها معابد أو مراصد
(١) أخرجه اين جرير الطبري في تفسيره (١٣/ ٢١٨). (٢) انظر: تفسير القرآن: السمعاني (٣/ ٤٠)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٤/ ٢٥١)، وانظر: لباب التأويل: الخازن (٢/ ٥٣٥)، وانظر: موسوعة التفسير بالمأثور: مجموعة من المؤلفين (١١/ ٦٦٠). (٣) انظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٥/ ٤٨٨)، وانظر: كشف التنزيل: الحداد (٣/ ٤٩٢)، وانظر: غرائب القرآن: النيسابوري (٤/ ١٠١)، وانظر: فتح القدير: الشوكاني (٣/ ٤٣)، وانظر: تيسير الكريم الرحمن: السعدي (ص: ٤٠٠) وانظر: التحرير والتنوير: ابن عاشور (١٣/ ٨) (٤) انظر: التفسير القرآني للقرآن: عبد الكريم الخطيب (٧/ ٥).