للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقد ذكر الله تعالى البشارة لمن اهتدى والانذار لمن ضل، ثم أعقب ذلك بأمر النبي بالحمد، وهو كما قال الله تعالى في آية النمل بعد هلاك الضالين: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾.

ومن نظائر آية النمل: قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [سورة الزمر: ٢٩].

قال أبو حيان: "ولفظة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ تشعر بوقوع الهلاك بهم بقوله: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ " (١).

وبناء على تلك النظائر، تُحمل آية النمل بنظائرها على آية الأنعام.

الثاني: من حيث السياق ومناسبة الآيات لما قبلها: وذلك أن الخطاب للرسول الله بأن يحمد الله تعالى على هلاك كفار الأمم الخالية، فلما استوفى غرض الاعتبار والإنذار حقه بذكر عواقب بعض الأمم التي كذبت الرسل وهي أشبه أحوالا بأحوال المكذبين بمحمد وبالكتاب الذي أنزل عليه، وفي خلال ذلك وحفافيه تسلية النبيء على ما يلقاه من قومه، أقبل الله بالخطاب إلى الرسول يلقنه ماذا يقوله عقب القصص والمواعظ السالفة استخلاصا واستنتاجا منها، وشكر الله على المقصود منها.

فالكلام استئناف والمناسبة ما عَلِمْت. أُمِرَ الرسول بالحمد على ما احتوت عليه القصص السابقة من نجاة الرسل من العذاب الحال بقومهم وعلى ما أعقبهم الله على صبرهم من النصر ورفعة الدرجات (٢).


(١) البحر المحيط: أبو حيان (١٨/ ٣٣٤).
(٢) انظر: بحر العلوم: السمرقندي (٢/ ٥٨٨)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٦/ ١٧١)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٦/ ١٨٩)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (٢٠/ ١٩، ٢٠) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢٠/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>