للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ألفاظ المجاز وتُحمل عليها الألفاظ عند المعتزلة، وعلى رأسهم الزمخشري، فلعل القاسمي يُريد من تعقبه مُخالفة أهل البدع، والله أعلم.

والناظر في أقوال أهل العلم والمفسرين في هذه المسألة، يتبين له أن الصواب مع أصحاب القول الأول، من أن المراد من التكذيب: المعنى الحقيقي وهو: إنكار البعث بعد الممات، وذلك من وجهين:

الأول: أنه لم يؤثر عن السلف - الذين هم أعلم بكتاب الله ممن جاء بعدهم- المعنى المجازي، بل الذي ورد هو خلاف ذلك، كما روي عن ابن عباس أنه قال في تأويلها: "يريد بالبعث والثواب والعقاب والمصير إليه" (١). وقال مقاتل بن سليمان: ﴿بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾ يعني: بالبعث (٢)، مما يؤيد المعنى الحقيقي.

الثاني: أن حمل اللفظ على الحقيقة في الآية غير ممتنع حتى يُحمل على المجاز، فمن شروط حمل اللفظ على المجاز: امتناع حمله على الحقيقة، كما هو مقرر عند أهل العلم (٣).

وقد نقل الرازي الإجماع على أنه لا يجوز صرف الكلام إلى المجاز إلا بعد تعذر حمله على الحقيقة (٤).

وفي هذه الآية الحقيقة بينة وواضحة ودالة على إنكار البعث.

فائدة:

استدل بعض العلماء بهذه الآية على ثبوت رؤية الله محتجا بأن الملاقاة لا بد أن تكون مواجهة، فإن صح هذا الاستدلال وإلا فنحن في غنى عنه، وإذا لم يصح هذا الاستدلال فالمراد بلقاء الله البعث بعد الموت؛ لأن الكافر لن يرى الله سبحانه


(١) انظر: بيان تلبيس الجهمية: ابن تيمية (١/ ٢٦٢، ٢٦٣)، وانظر: بدائع الفوائد: ابن القيم (٤/ ١٦٥٩)، وانظر: الموافقات: الشاطبي (٣/ ٢٤٩).
(٢) أورده السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٣١٧).
(٣) انظر: التفسير البسيط: الواحدي (٨/ ٨٢)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (٧/ ١٢١).
(٤) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٣٠/ ٦١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>