للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقالت: هل تقرأ سورة المائدة؟ فقلت: نعم، فقالت: فإنها من آخر ما أنزل الله، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه" (١).

الثالث: ما ورد عن بعض الصحابة من أنهم عملوا بآية سورة المائدة بعد النبي مما يؤيد عدم نسخها.

فقد روي عن الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا (٢) هذه ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة، فأتيا الأشعري، فأخبراه، وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله ، فأحلفهما بعد العصر بالله: ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا، وإنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما (٣).

الرابع: أن النسخ إنما يُصار إليه إذا تعذر الجمع بين الأدلة، فإن النسخ لا بد فيه من إثبات الناسخ على وجه يتنافى الجمع بينهما مع تراخي الناسخ، وفي هذه المسألة لا يوجد ما يدل على تأخر ما يُقال بأنه الناسخ.

ويمكن الجمع بين الأدلة: وذلك بحمل ما يدل على اشتراط العدالة والإسلام في الشهادة على الحالة العامة، وحمل ما يدل على جواز شهادة غير المسلم، على الحالة الخاصة، وهو جواز شهادته على الوصية في السفر، إذا لم يوجد أحد من المسلمين (٤).

الخامس: أن شهادة أهل الكتاب مع عدم وجود المسلمين في هذا الموضع، من باب


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٨/ ٢٦٢).، وانظر: الطرق الحكمية: ابن القيم (ص: ١٥٥).
(٢) دقوقا مدينة في العراق، بين إربل وبغداد. ينظر: معجم البلدان: الحموي (٤/ ٣٥) وينظر: الروض المعطار: الحميري (ص: ٢٤٤).
(٣) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (١/ ١٥٧، ١٥٨)، وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب شهادة أهل الذمة، برقم: (٣٦٠٥) قال ابن حجر: رجاله ثقات. ينظر: فتح الباري (٥/ ٤١٢).
(٤) انظر: أحكام القرآن: الكيا الهراسي (٣/ ١٢٠)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٨/ ٢٦٢). وانظر: تيسير البيان: ابن نور الدين (٣/ ٢٢٥)، وانظر: الأحكام الفقهية التي قيل فيها بالنسخ: محمد إبراهيم سركند (٥/ ٢٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>