الثاني: أن الله تعالى جعل لكل مسكين جزء من الطعام في قوله: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾، فلم يجز أن يسند واحد بجميعه (١).
الثالث: أن في إطعام العشرة إحياء لجماعة من المسلمين وكفايتهم يوما واحدا، فيتفرغون فيه لعبادة الله ﵎ ولدعائه، فيغفر للمكفر بسبب ذلك (٢).
الرابع: أن القول بأن المراد: فإطعام طعام عشرة مساكين. فيه جعل العدد المذكور للتقدير، لا للتمليك وهذا ضعيف؛ لما فيه من الإضمار والتجويز، ولما فيه من حذف المفعول - وهو عشر مساكين، فإذا حذف المفعول صار مسكين واحد-، ولما فيه من ترك البيان لمن تصرف إليه هذه الصدقة، والحقيقة خير من المجاز، والذكر خير من الإضمار، والبيان خير من الإجمال، واتباع الظاهر أولى من التأويل (٣).
الخامس: ما روي من فعل بعض الصحابة ﵃ أنهم أطعموا عشرة مساكين.
فقد روى عبد الرزاق بإسناده عن يسار بن نمير قال: قال لي عمر بن الخطاب: "إني أحلف ألا أعطي رجالا، ثم يبدو لي، فأعطيهم، فإذا رأيتني فعلت ذلك، فأطعم عني عشرة مساكين كل مسكين، صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو نصف صاع من قمح"(٤).
وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن علي، قال:«كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من بر، أو صاع من تمر في كفارة اليمين»(٥).
(١) انظر: أحكام القرآن: ابن الفرس (٢/ ٤٦٦). (٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٨/ ١٤٥). (٣) انظر: تيسير البيان: ابن نور الدين (٣/ ١٧٧). (٤) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الأيمان والنذور، باب إطعام عشرة مساكين، برقم: (١٧٢٤٣)، وإسناده صحيح. (٥) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الأيمان والنذور، في كفارة اليمين من قال: نصف صاع، برقم: (١٢١٩٢)، وإسناده صحيح.