للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أما الإجماع: فقد نقله غير واحد من أهل العلم.

قال أبو الحسن الأشعري: " وأجمعوا على أنه ﷿ يسمع ويرى، وأن له تعالى يدين مبسوطتين وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه من غير أن يكون جوارحاً، وأن يديه تعالى غير نعمته" (١).

مناقشة الزمخشري في دعواه أن إثبات اليد لا يصح حقيقة لله تعالى:

ذكر الزمخشري في تفسير الآية أن غل اليد وبسطها مجاز عن البخل والجود، ولا يصح إثباتها لله حقيقة، وإنما المراد باليد بما معنى كلامه: النعمة (٢).

والجواب عن هذا المراد من وجهين:

الأول: أن حمل صفة اليد على المجاز، يُخالف ما أجمع عليه أهل السنة على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز" (٣).

الثاني: أنه لا يجوز أن يكون المراد باليد النعمة، لأنه قال: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ والنعم لا تُغل، فلا يُقال: غلت نعمهم، وقال: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ معارضة بمثل ما قالوا ولا يجوز أن يكون أراد غلت نعمهم، ثم قال: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ ولا يجوز أن يريد نعمتاه مبسوطتان، وذلك أن نعم الله لا تُعد ولا تُحصى (٤).

الثالث: لو كان معنى اليد النعمة كما ادعت الجهمية والمعتزلة لقرئت الآية: بل يداه مبسوطة، أو منبسطة، لأن نعم الله أكثر من أن تحصى، ومحال أن تكون نعمة نعمتين لا أكثر فلما قال الله ﷿: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾، كان العلم محيطا أنه ثبت لنفسه يدين


(١) رسالة إلى أهل الثغر: أبو الحسن الأشعري (ص: ١٢٧).
(٢) انظر: الكشاف: الزمخشري (١/ ٦٥٤).
(٣) انظر: التمهيد: ابن عبد البر (٧/ ١٤٥).
(٤) انظر: التوحيد: ابن خزيمة (١/ ١١٨)، وانظر: الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية: ابن قتيبة (١/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>