قال ابن فارس (١): "تعقبت ما صنع فلان، أي تتبعت أثره. ويقولون: ستجد عقب الأمر كخير أو كشر، وهو العاقبة"(٢).
وقال الزمخشري:"تعقبت ما صنع فلان: تتبعته. ولم أجد عن قولك معقّباً أي متفحّصاً يعني أنه من السداد والصحة بحيث لا يحتاج إلى تعقب"(٣).
ومنه ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [سورة الرعد: ٤١] أي: لا أحد يتعقب حكمه بنقض ولا تغيير (٤).
وقال ابن منظور (٥): "تَعَقَّبَ الخبر: تَتَبَّعَه. ويُقال: تَعَقَّبْتُ الأمر إِذا تدبرته. والتَّعَقُّبُ: التدبر، والنظر ثانية، (٦).
وقال أبو حيان (٧): "المعقب الذي يكر على الشيء فيبطله، وحقيقته الذي يعقبه أي: بالرد والإبطال، ومنه قيل لصاحب الحق: معقِّب، لأنه يقفي غريمه بالاقتضاء والطلب" (٨).
ومما تقدم من كلام أهل اللغة يتلخص لنا أن التعقب يدور حول المعاني التالية، وهي:
الاتيان بعدُ، والتفحص، والرجوع، والمآل، والتدبر، إعادة النظر، والتتبع، وطلب العثرة، والإبطال، والنقض، والتغيير، ونحو ذلك مما ذكره اللغويون.
(١) وهو: أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن أحمد، المعروف بابن فارس اللغوي الرازي الشافعي ثم المالكي، الإمام، العلامة، اللغوي، مات سنة: ٣٩٥ هـ، ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٧/ ١٠٣). (٢) مقاييس اللغة: ابن فارس (٤/ ٧٧) مادة (عقب). (٣) أساس البلاغة: الزمخشري (١/ ٦٦٧). (٤) مختار الصحاح: الرازي (ص: ٢١٣). (٥) وهو: محمد بن مكرّم بن علىّ بن منظور الأنصاري الإفريقي، المصري. صاحب «لسان العرب» في اللغة: جمع فيه بين التهذيب، والمحكم، والصحاح، وحواشيه، والجمهرة، والنهاية.، مات سنة: ٧١١ هـ. ينظر: المقفى الكبير: المقريزي (٧/ ١٥٧)، وينظر: درة الحجال: ابن القاضي (٢/ ٣١٥). (٦) لسان العرب: ابن منظور (١/ ٦١٩). (٧) وهو: محمد بن يوسف بن علي ين يوسف ابن حيان الغرناطي، نحوي عصره، ولغويه، ومفسره، ومحدثه، ومقرئه، ومؤرخه، وأديبه، مات سنة: ٧٤٥ هـ. ينظر: معجم المفسرين: عادل نويهض (٢/ ٦٥٥) (٨) البحر المحيط: أبو حيان (١٣/ ١١٨).