للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مَعَهُمْ﴾، وذلك أن صلاة الجماعة واجبة على القول الراجح، والله أعلم (١).

فإن قيل: لو أن شخصًا دُعي لحضور وليمة نكاح، أو غيره، وكما هو معلوم أن جمع من أهل العلم ذهب إلى وجوب إجابة الداعي إلى وليمة (٢)، لقوله: "ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله" (٣)، فلمّا حضر فوجئ أن فيها غناء محرم، أو صوت معازف، أو نحو ذلك من المنكرات، فيكون تركه للمكان معصية وإن لم يقدر على إزالة المنكر.

فالجواب: أن هذه الحالة تختلف عن سابقتها، فليس فيها تحقيق مصلحة، كما في الوجه الأول المتقدم، بل إن المفسدة المترتبة على بقائه وتعرضه للفتنة أكبر، من إجابته للدعوة، فدرء المفاسد - وهو سماع المنكر- مقدم على جلب المصالح، فتُحمل إجابة الدعوة إذا خلت من المنكرات، والله أعلم.

تنبيهان:

الأول: استدل القاسمي على ما ذهب إليه بقوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾

ووجه استدلاله: أن الآية عامة، يشمله من كان له حق في تلك البقعة ومن لا يشمله، ولا تخصيص إلا بمخصص.

والجواب: أن التخصيص يُؤخذ من الأحاديث الدالة على مشروعية وفضل اتباع الجنائز والصلاة عليها، فصلاة الجنازة متأكدة، فيترتب على تركها ضرر، كما تقدم، والله أعلم.

الثاني: يُريد القاسمي من تعقبه على الحاكم، ما نقله عن أبي علي أنه فصَّل


(١) انظر: الشرح المختصر على زاد المستقنع: الفوزان (١/ ٤٩٦).
(٢) انظر: شرح مختصر الطحاوي: الجصاص (٤/ ٤٣٦)، وانظر: الرسالة: القيرواني (ص: ١٦٠)، وانظر: مغني المحتاج: الشربيني (٤/ ٤٠٥)، وانظر: كشاف القناع: البهوتي (٥/ ١٦٦).
(٣) أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، برقم: (٥١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>