للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أوجه:

الأول: أن الأصل حمل ألفاظ القرآن على الحقيقة، فلا يُعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا وجدت قرينة، وبالنظر إلى القاعدة المقررة عند أهل العلم أن نصوص الوحي يجب حملها على الحقيقة (١)، إلا إذا أمكن حمل الآية على المعنى الحقيقي والمعنى المجازي دون تعارض، فلا بأس إن شاء الله تعالى كما يقرر ذلك العثيمين (٢).

الثاني: أن المعنى المجازي يُنافي الآثار الصريحة المذكورة التي تدل على المعنى الحقيقي.

فقد ورد في سبب نزول الآية بعضًا من الآثار التي تؤيد المعنى الحقيقي.

ومن ذلك: ما أخرجه ابن جرير الطبري بسنده عن السدي: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [سورة النساء: ٦٦] افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من يهود، فقال اليهودي: والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم، فقتلنا أنفسنا. فقال ثابت: والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا. فأنزل الله في هذا: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ [سورة النساء: ٦٦] " (٣).

وأخرج عن أبي إسحاق السبيعي قال: لما نزلت: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا. فبلغ ذلك النبي ، فقال: «إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي» (٤).


(١) انظر تفصيل ذلك في كتاب قواعد الترجيح: حسين الحربي (٢/ ٤٥).
(٢) انظر ما يقرره العثيمين من حمل الآية على المعنييْن لعدم التضاد بينهما في مقدمة تفسيره لسورة الفاتحة والبقرة (ص: ٣٤).
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ٢٠٦)، وسنده حسن، ينظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (الحاشية) (٣/ ١٥٦).
(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ٢٠٧). وسنده مرسل، ولكن يتقوى بما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>