وقال ابن كثير:"كذا رواه ابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود به، وهو أثر غريب مرسل، وابن لهيعة ضعيف"(١).
الرواية الثانية: جاءت من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس ﵁:"نزلت في رجل من المنافقين، يقال له: بشر؛ كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي: أنطلق بنا إلى محمد، وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف -وهو الذي سماه الطاغوت- فأبى اليهودي أن يخاصمه إلا إلى رسول الله ﷺ، فلما رأى المنافق ذلك، أتى معه إلى رسول الله ﷺ، فاختصما إليه، فقضى رسول الله ﷺ لليهودي، فلما خرجا من عنده، لزمه المنافق، وقال: انطلق بنا إلى عمر بن الخطاب ..... الأثر"(٢).
وهذه الرواية فيها ثلاث علل:
الأولى: أن في إسنادها الكلبي تهم بالكذب، ورمي بالرفض (٣).
الثانية: في إسنادها أبي صالح وهو ضعيف مُدَلّس (٤).
الثالثة: وهي التي تزيدها ضعفًا: وهي رواية الكلب عن أبي صالح.
قال ابن معين:"الكلبي إذا روى عن أبي صالح فليس بشيء؛ لأن الكلبي يحدِّث به مرة من رأيه، ومرة عن أبي صالح، ومرة عن أبي صالح عن ابن عباس ﵁، فإذا حدث غير الكلبي عن أبي صالح فليس به بأس"(٥).
وبهذا يتبين جليًا ضعف إسناد هذه الرواية، وعليه يبقى تأويل الآية على عمومه كما قال القاسمي ﵀ في تفسيرها: "أي كيف يكون حالهم إذا ساقتهم التقادير إليك، في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم، التي منها المحاكمة إلى الطاغوت والكراهة لحكمك،
(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٣/ ١٥٥). (٢) الكشف والبيان: الثعلبي (١٠/ ٤٥٣). (٣) انظر: الكامل في ضعفاء الرجال: ابن عدي (٧/ ٢٧٤)، وانظر: ميزان الاعتدال: الذهبي (٣/ ٥٥٦، ٥٥٧). (٤) انظر: تقريب التهذيب: ابن حجر (ص: ١٢٠)، وانظر: ديوان الضعفاء: الذهبي (ص: ٤٤). (٥) التاريخ الكبير: البخاري (٣/ ٤٨).