الثاني: أن هذا التأويل مخالف لما روي عن بعض السلف أنهم يبدلون في اليوم أو الساعة مرات عديدة.
فقد روي عن الحسن أنه قال في تفسير الآية:"ننضجهم في اليوم سبعين ألف مرة"(١).
ولم يرد عن أحد من السلف ما يوافق قول الرازي من أن التبديل استعارة عن دوام العذاب وعدم الانقطاع، والواجب هو اتباع ما عليه السلف ﵏ في تفسير القرآن، فهم خير الناس بعد الأنبياء ﵈.
الثالث: أن تأويل الرازي ومن تبعه، مخالف لظاهر الآية وما تقتضيه اللغة من معنى التبديل، وقد تقدم في المسألة السابقة.
تنبيهان:
الأول: لعل مراد القاسمي ﵀ من قوله: [إلا عند الضرورة] أي: إذا تعذر حمل اللفظ على الحقيقة، أو إلا وجدت قرينة يمكن من خلالها أن يُحمل اللفظ على المجاز، فإن وجدت قرينة جاز حمل اللفظ على المجاز، ولا قرينة في الآية تصرف المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، والله أعلم.
الثاني: ما ذكره القاسمي ﵀ من أنه روي عن السلف، أنهم يبدلون في اليوم أو الساعة مرات عديدة، لم يصح ثبوته عن الصحابة، ولكن صح عن التابعين.
فقد أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عمر قال: قرأ رجل عند عمر هذه الآية ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ فقال عمر: أعدها علي، فأعادها عليه، فقال معاذ بن جبل: عندي تفسيرها: تبدل في ساعة مائة مرة، فقال عمر: هكذا سمعت رسول الله ﷺ(٢).
(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ١٦٤). وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٨٣) برقم: (٥٤٩٦). (٢) أخرجه ابن أبي حاتم، وسنده ضعيف، لأنه لم يُصرِّح باسم شيخه، وكذلك في سند الرواية نافع مولى يوسف السلمي، متروك الحديث. ينظر: لسان الميزان: ابن حجر (٦/ ١٤٧).