بكر بن عبد الله المزني (١): سأله عقبة بن أبي الصهباء (٢) عن رجل تريد امرأته منه الخلع، قال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا. قلت: يقول الله تعالى ذكره في كتابه: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ قال: هذه نسخت. قلت: فإني حفظت؟ قال: حفظت في سورة النساء قول الله تعالى ذكره: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾ (٣).
أصحاب القول الثاني:
ابن زيد: قوله: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ قال: «ثم رخص بعد» فقال: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ قال: «فنسخت هذه تلك»" (٤).
أصحاب القول الثالث:
الطبري: "وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: إنها محكمة غير منسوخة، وغير جائز للرجل أخذ شيء مما آتاها إذا أراد طلاقها من غير نشوز كان منها، ولا ريبة أتت بها" (٥).
(١) وهو: بكر بن عبد الله المزني البصري أحد الأعلام روى عن المغيرة بن شعبة وابن عباس وابن عمر وأنس وأبي رافع وجماعة وروى له البخاري ومسلم وأبو داود، مات سنة ١٠٦ هـ. ينظر: الوافي بالوفيات: الصفدي (١٠/ ١٣٠) (٢) وهو: عقبة بن أبي الصهباء، أبو خريم الباهلي، مولاهم، البصري، سمع من الحسن، وابن سيرين، وسالم بن عبد الله، ونافعا، وغيرهم، وثَّقه ابن معين، وقال أحمد بن حنبل: صالح الحديث، مات سنة: ١٧٠ هـ. ينظر: تاريخ الإسلام: الذهبي (٤/ ٤٥٩). (٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٤/ ١٦١). وفي التحصيل للمهدوي أن بكر بن عبد الله المُزني قال بأنها ناسخة لآية البقرة. ينظر: التحصيل (١/ ٥٢١). (٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٦/ ٥٤٧). (٥) جامع البيان: الطبري (٦/ ٥٤٧).