لَأْمَته (١)، وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة، وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار، فصلى عليه رسول الله ﷺ، ثم خرج عليهم وقال:«ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل»
قيل: إن النبي ﷺ وإن كان خروجه للقوم كان رواحا (٢) فلم يكن تبوئته للمؤمنين مقاعدهم للقتال عند خروجه، بل كان ذلك قبل خروجه لقتال عدوه؛ وذلك أن المشركين نزلوا منزلهم من أحد فيما بلغنا يوم الأربعاء، فأقاموا به ذلك اليوم ويوم الخميس ويوم الجمعة، حتى راح رسول الله ﷺ إليهم يوم الجمعة بعد ما صلى بأصحابه الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال (٣).
ثانيًا: يحتمل أن يكون المراد من التبوئة: التبوئة ابتداءً، قبل اتخاذ المراضع للقتال وقبل مناهضة العدو.
قال ابن جرير: " فإن قال قائل: وكيف كانت تبوئته المؤمنين مقاعد للقتال غدوا قبل خروجه، وقد علمت أن التبوئة اتخاذ الموضع؟ قيل: كانت تبوئته إياهم ذلك قبل مناهضته عدوه عند مشورته على أصحابه بالرأي الذي رآه لهم بيوم أو يومين، وذلك أن رسول الله ﷺ لما سمع بنزول المشركين من قريش وأتباعها أُحُدا قال لأصحابه: أشيروا عليَّ ما أصنع؟ … الحديث (٤).
ثالثًا: ليس المراد من الغدو في قوله تعالى: ﴿غَدَوْتَ﴾ الخروج وقت الغدو تحديدًا، لأنه سيكون مُعارضًا للخبر المتقدم ذكره من أن النبي ﷺ خرج بعد أن صلى بأصحابه الجمعة، وإنما المراد مطلق الخروج، والله أعلم.
قال ابن عطية: قال غير الطبري: نهوض النبي ﷺ يوم الجمعة بعد الصلاة، هو غدوه،
(١) اللأمة مهموزة: الدرع. وقيل السلاح. ولأمة الحرب: أداته. ينظر: النهاية (٤/ ٢٢٠). (٢) الرواح: نقيض الصباح. وقيل العشى أو من الزوال إلى الليل. ينظر: تاج العروس (٦/ ٤٢٧). (٣) جامع البيان: الطبري (٦/ ٧ - ٩)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٢/ ٤١١، ٤١٢). (٤) جامع البيان: الطبري (٦/ ٧ - ٩)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٢/ ٤١١، ٤١٢).