رواية أبي العالية:" كان رجل من بني إسرائيل وكان غنيا ولم يكن له ولد، وكان له قريب وكان وارثه، فقتله ليرثه، ثم ألقاه على مجمع الطريق، وأتى موسى، فقال له: إن قريبي قتل، وأتى إلي أمر عظيم، وإني لا أجد أحدا يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله. قال: فنادى موسى في الناس: أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا بينه لنا. فلم يكن عندهم علمه، فأقبل القاتل على موسى فقال: أنت نبي الله، فاسأل لنا ربك أن يبين لنا. فسأل ربه فأوحى الله إليه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ … إلخ"(١).
رواية السُدي:"كان رجل من بني إسرائيل مكثرًا من المال، وكانت له ابنة وكان له ابن أخ محتاج. فخطب إليه ابن أخيه ابنته فأبى أن يزوجه إياها، فغضب الفتى وقال: والله لأقتلن عمي ولآخذن ماله ولأنكحن ابنته ولآكلن ديته. فأتاه الفتى وقد قدم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل، فقال: يا عم انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم لعلي أصيب منها، فإنهم إذا رأوك معي أعطوني. فخرج العم مع الفتى ليلاً، فلما بلغ الشيخ ذلك السبط قتله الفتى ثم رجع إلى أهله. فلما أصبح جاء كأنه يطلب عمه، كأنه لا يدري أين هو فلم يجده، فانطلق نحوه فإذا هو بذلك السبط مجتمعين عليه، فأخذهم وقال: قتلتم عمي فأدوا إلي ديته. وجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادي واعماه، فرفعهم إلى موسى، فقضى عليهم بالدية، فقالوا له: يا رسول الله، ادع لنا حتى يتبين له من صاحبه فيؤخذ صاحب الجريمة، فوالله إن ديته علينا لهينة، ولكنا نستحي أن نعير به. فذلك حين يقول الله جل ثناؤه: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢)﴾ [سورة البقرة: ٧٢] فقال لهم موسى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ قالوا: نسألك عن القتيل وعمن قتله وتقول اذبحوا بقرة، أتهزأ بنا؟ قال موسى: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٦٧)﴾ [سورة البقرة: ٦٧] "(٢).
(١) أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره (٢/ ٧٧)، وعزاها إليه ابن كثير (١/ ٤٤٠) قال المحقق في الحاشية: "سنده جيد لكنه من الإسرائيليات". (٢) أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره (٢/ ٧٨، ٧٩)، وعزاه إليه ابن كثير (١/ ٤٤٢) قال أبو إسحاق الحويني في الحاشية: "سنده حسن لكنه من الإسرائيليات".