قال القاسمي:"ومن فهم من بعض الفرق، كالمعتزلة، من هذه الآية أن المنفي هو الإدراك في النشأتين، فقد نادى على نفسه بالجهل بما دل عليه كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ المتواترة"(٢).
ت - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [سورة الأنعام: ١٤٩]، عقَّب على استدلال الشيعة والمعتزلة بهذه الآية أن الله لا يشاء المعاصي والكفر، وذلك بقول الزمخشري:" فمن علق وجود القبائح من الكفر والمعاصي بمشيئة الله وإرادته فقد كذب التكذيب كله، وهو تكذيب الله وكتبه ورسله"(٣). وقول الطبرسي (٤): "إن فيها تكذيبا ظاهرا لمن أضاف مشيئة ذلك إلى الله سبحانه"(٥). بأن هذا التأويل من الزعم الذي يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة (٦).
ث - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [سورة الحجرات: ١٤]. عقَّب على من لم ير الإيمان والإسلام مترادفين، بل بينهما عموم وخصوص مطلق (٧). فقال:" وهذا الاستدلال في غاية الضعف. لأن ترادفهما شرعا لا يمنع من إطلاقهما بمعناهما اللغوي في بعض المواضع"(٨).
(١) يُريد بذلك قول الزمخشري: "فالمعنى أن الأبصار لا تتعلق به ولا تدركه، لأنه متعال أن يكون مبصرا". ينظر: الكشاف: الزمخشري (٢/ ٥٤). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (٦/ ٢٤٤٧). (٣) الكشاف: الزمخشري (٢/ ٧٧). (٤) وهو: الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، أمين الدين، أبو علي: مفسر محقق لغويّ. من أجلاء الإمامية. نسبته إلى طبرستان. له: مجمع البيان في تفسير القرآن، وجوامع الجامع، مات سنة ٥٤٨ هـ. ينظر: الأعلام: الزركلي (٥/ ١٤٨). (٥) مجمع البيان: الطبرسي (٤/ ١٤٢). (٦) انظر: محاسن التأويل: القاسمي (٦/ ٢٥٤٢). (٧) انظر: الإكليل: السيوطي (ص: ٢٤٣). (٨) محاسن التأويل: القاسمي (١٥/ ٥٤٧١)، وسيأتي المزيد من الأمثلة في الدراسة التطبيقية.