للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

نسر: فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، وتنسخ العلم عبدت" (١).

الثاني: أن من العرب من سُميَ باسم تلك الأصنام، كعمرو بن عبد ود، وعبد يغوث (٢)، مما يدل على أن تلك الأصنام كانت تعبد وتُقدس عند العرب، فدل هذا على أنها انتقلت إليهم، والله أعلم.

الجواب عن استشكال الرازي:

استشكل الرازي انتقال الأصنام من الأرض التي كان يُقيم فيها قوم نوح إلى أرض العرب بحجة أن الدنيا خربة وقت الطوفان، والغريب أن القاسمي لم يكن جوابه حول إثبات انتقال الأصنام بذاتها ردا على الفخر الرازي، وإنما أجاب بإثبات معرفة العرب لتك الأصنام بأن الخالف يؤرخ للسالف.

والجواب عن هذا الاستشكال: ما روي عن ابن عباس : كان نوح يحرس جسد آدم على جبل بالهند يحول بين الكافرين، وبين أن يطوفوا بقبره، فقال لهم الشيطان: إن هؤلاء يفتخرون عليكم، ويزعمون أنهم بنو آدم دونكم، وإنما هو جسد، وأنا أصور لكم مثله تطوفون به، فنحت خمسة أصنام، وحملهم على عبادتها، وهي: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا. فلما كان أيام الغرق دفن الطوفان تلك الأوثان فطمها بالتراب، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب (٣).

فدل هذا الأثر أن الأصنام دفنت في التراب حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب.


(١) أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن (سورة نوح)، باب: ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق، برقم: (٤٩٢٠).
(٢) انظر: الكشاف: الزمخشري (٤/ ٦١٩)، وانظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (١٩/ ٣٩٤).
(٣) انظر: الكشف والبيان: الثعلبي (٢٧/ ٣٩٩ - ٤٠٨)، وانظر: البسيط: الواحدي (٢٢/ ٢٧٦)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٨/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>